أبيض وأسود
أبو بكر الطيب
كثيرين من يمزجون بين الأبيض والأسود في أحكامهم فتصبح رمادية مبهمة، ويكون من المستحيل أن يصدروا أحكامًا عادلة تؤكد نضجهم ووعيهم، لأن سواد الشر يسمم بياض الخير ويغتاله إذا ما لامسه، وآخرون يقفون على عتبة الاختيار وهم صامتين صمتًا طويلًا لا متناهي، وذلك من أجل الاختيار بين الصدق والنفاق.
ولكن البعض يقع فريسة سهلة، لعدم القدرة على الاختيار والتفريق بين الأبيض والأسود، فيجمع بين الاثنين ويصبح مسخًا رماديًا مشوهًا، يشبه آكلي لحوم البشر ما قبل التاريخ، وربما تكون أكثر رحمةً منهم لأنها تأكلك بعد القتل، أما أصحاب المواقف الرمادية فإنهم يأكلون لحمك دون الحاجة لقتلك.
إن أصحاب المواقف الرمادية الضبابية، لا يستطيعون التفرقة بين الصدق والاحترام، ويحسبون أن الجمع بينهما قيمة كبيرة لا بد منها، ولكن إذا قدر لهم الإمعان جيدًا فسيجدون الفرق شاسعًا.
فإذا قدر لهم اختيار الصدق، سيجبرهم على الالتزام اللا مشروط بقبول الحقيقة، والاعتراف بها دون سواها، وهو الوقوف إلى جانب القوات المسلحة ومساندتها، وسيضطرون أن يقولوا للقحاطة الكاذبين إنهم كاذبين ومنافقين، وهذا سيفقدهم احترام القحاطة لهم، أما اختيارهم للاحترام سيجعل منهم كذابين ملاعين لا معنى للحقيقة في حياتهم، لأنهم يمدحون حينما يتوجب الشجب والذم، وهذا ما سيفقدهم احترامهم لذاتهم لأنهم قحاطة ملاعين،
إن كل من يمزج بين الأبيض والأسود في مواقفه وقراراته، هو خاسر يخسر الأسود وما للسواد من صدق، ويخسر الأبيض وما للبياض من احترام، ويمضي في طريق لا يسلكه سوى الخونة الرماديين، لا هم أسود ولا أبيض، ولا هم صادقين ولا هم محترمين، فقط منافق رمادي بلون النفاق.
وأهلك العرب قالوا:
بين ألأبيض والأسود حياة نختارها نحن، ومواقف تحدد مصيرنا للطريق الذي نسلكه ونلونه بلون اخترناه بأنفسنا.
والله المستعان.