التقييم والتقويم

أبو بكر الطيب
من البديهي أنه عندما يتم تعيين مدرب فاشل لأي نادي، فأول ما يقوم به هو الاستغناء عن اللاعبين المميزين وإبعادهم، واستقطاب اللاعبين الذين يفتقرون المهارة الفنية ولا يستطيعون تقديم الأداء الجيد، بل يطلب تسجيل لاعبين بمعرفته وتكون له بهم علاقة مسبقة، حتى يحصل منهم على رضوخ وانقياد تام لأوامره وتعليماته ويعاملونه كإله، فتكون المحصلة والنتيجة هي الخسارة المادية، حيث يعمل على استبعاد جميع العناصر ذات المبالغ الكبيرة ويستغني عنها، وهذه أول الخطوات في طريق الفشل، المتمثلة في عدم وضع خطط مستقبلية مناسبة في عملية الإحلال والإبدال، بالإضافة إلى عدم قدرته على التفاعل والتفاهم مع اللاعبين، والاعتماد على وضع اللوائح والقوانين الصارمة، دون مراعاة ظروف اللاعبين النفسية والاجتماعية، فتهتز الثقة بين الطرفين ويقل المردود الفني، وينخفض مستوى الأداء بشكل ملحوظ، وتنعدم القدرة على العطاء لانعدام الدافع والمحفز.
ويدخل النادي في أزمة حقيقية نتيجة لهذا التخبط، من حيث النتائج السلبية والسخط الجماهيري، والأهم من هذا كله هو إنك بعد كل تلك المدة، التي منحتها لهذا المدرب الذي صبرت عليه، وكل تلك الأموال التي أنفقتها في سبيل الحصول على مستوى متطور للاعبين، عبر تحقيق الاستقرار المطلوب للجهاز الفني، لكنك لن تجد ما يثبت أنك كنت في الطريق الصحيح لتحقيق ذلك الهدف، وإن جهدك وأموالك كلها ذهبت أدراج الرياح، والشئ الوحيد الذي ستكتسبه هو سخط الجماهير، والفرق بين المدرب الناجح والمدرب الفاشل كبير، ونستطيع بكل سهولة التمييز بينهم من خلال هذه الملاحظات.
لقد جاء الوحش الإيطالي في ظروف صعبة للغاية، لتولي مهمة تدريب الفريق، وقد كانت الأزمات تحيط بالفريق من جميع النواحي الإدارية والفنية والمالية، وعند حضوره استبشر البعض بأنه سيصعد بالفريق لمستويات متقدمة، وسيفرض الاستقرار الفني المطلوب ويحقق النتائج الإيجابية للفريق، فماذا قدم لنا هذا الوحش الإيطالي، وهو من تسلم الفريق بعد برهة من انضمام مجموعة من اللاعبين المحترفين، الذين كلفوا النادي مبالغ طائلة، لكن سرعان ما طالب بشطبهم حتى قبل أن يتم تجربتهم، مما عرض الفريق لهزة قوية كادت أن تقضي عليه.
الوحش الفاشل هو من فرط في مجموعة نجوم الفريق، وفشل في المحافظة عليها فذهبت طريق الإعارة والبيع، وحققت نجاحات تحت قيادة المدربين في المنتخبات والأندية المعارة،
الوحش الإيطالي خرج أيضًا من المنافسة الإفريقية، التي كان بالإمكان الاستمرار فيها إذا ارتفع مستوى الجدية والمسؤولية، فضرب بأحلام الجماهير المتعطشة للبطولات عرض الحائط.
والآن يشارك الوحش في الدوري الموريتاني، الذي خسر أهم مبارياته، وتوقف واعتذر ثم عاد مرة آخرى لمواصلة المشوار بين الفوز والتعادلات.
وأهلك العرب قالوا:
إن المدرب الفاشل يكون تأثيره سلبيًا، على مستوى اللاعبين والجهاز الفني والإداري، فلا هو يستطيع تحسين الأداء، ولا إيجاد الحلول المناسبة، ولا تحقيق النتائج المرجوّة.
فماذا يستفاد من تقييمه أو تقويمه وفاقد الشيء لا يعطيه؟
والله المستعان.