وسط الرياح

التمحور الفكري

أبو بكر الطيب

مع إنني لست طبيبًا، ولكن لدي قناعة تامة بأن التمحور النفسي والفكري، ورفض آراء الآخرين وتجاهل متطلباتهم، يعد من الأمراض الخطيرة في إدارة شؤون الأندية الرياضية.

حيث ينتج عن التمحور صدمة كبيرة غير متوقعة، تبدد الشخصية المتمحورة وتؤدي إلى إصابتها بالشلل التام، بسبب التلف الذي يحدث في الدماغ، وما يصاحبه من تبلّد في المشاعر والأحاسيس، ودخول في حالة غير طبيعية من التخبط والفشل، بسبب نقص القدرة المعرفية والكفاءة التأملية والقدرة على التحليل والتوقع، نتيجة غياب الإدراك وصعوبة تقبل الصدمات والتعامل معها.

حين يغلب على أعضاء مجلس الفكر السطحي والاهتمام بقشور المواضيع، ولا يستطيعون الدخول إلى جوهر المشكلة، وتكون البلادة سمة جماعية فيهم، والعجز الفكري والقصور في الإدراك والكسل والخمول في التفكير متأصل فى عقلهم الباطن، فاعلم يا هذا أن هؤلاء السذج أصحاب الأنا المتضخمة لا شفاء لهم، وأن الداء قد انتشر بينهم وانعدمت احتمالية الشفاء، لأنهم منشغلون بالجدل في قضايا منتهية أمرها محسوم، ويلفون ويدورون في حلقة مفرغة لا تؤدي إلّا لنتيجة واحدة، وهي ذهابهم جميعًا من هذا المكان سواءً شاءوا أم أبو.

التمحور النفسي والانكفاء الذاتي، من أكثر الأمراض التي تؤدي إلى التلوثات الفكرية، أما الاعتماد على الماديات في النجاح فهو من أكبر الأوهام والمعوقات، التي تلعب دورًا مهمًا في شرذمة الناس وتضعف جدوى التعامل بينهم، وتقود إلى عدم المقدرة على التفكير لأن الشخص المتبلد ليست لديه الجرأة على التفكير والتخطيط، ولا العمل من خلال قاعدة استراتيجية، ولو كانت لديه هذه الصفات لما تحمل الذل والمهانة، وهو يطرق جميع الأبواب بحثًا عن حلول تكون صفرية في مثل حالته.

وعلى الرغم من ذلك تجده يتهافت في كل الاتجاهات لإيجادها، ويعتبر هذا التخبط دليل إدانة إضافية يجب أن يتم تسجيله على صفحات تاريخهم الملوث،
وفي أحيانٍ كثيرة يكون من الصعب على الشخص المتمحور تقبل الواقع، خاصة بعد المشاكل والصدمات التي تتلقفه حتى يغرق فيها، ويجد صعوبة في السباحة ضد التيار التي تتطلب بذل مجهود أكبر لكي يحافظ على بقائه، فالذي يفكر بعقلية الترميم والترقيع، يعلم أنها لن تجدي نفعًا ولن تقوّم أعوجاجًا وأن ضررها أكثر من نفعها.

وأهلك العرب قالوا:
متى يبلُغ البنيانُ يـومًا تَمــامهُ
إذا كُــنت تَبنيهِ وغــيركَ يَهدمُ
فلو ألفَ بانٍ خَلفهم هادِمٌ كَفى
فَكيفَ بِبانٍ خَلفهُ ألفُ هَــــادمُ

والله المستعان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: محمي ..