خروج الروح
أبو بكر الطيب
قال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}. صدق الله العظيم.
هذا تصريح صريح بأن الموت سيأتي وهو قادم لا محالة، ومجلس المريخ يتداعى ويفقد القدرة على الاستمرارية، ويبدو أن لحظات تشييعه إلى مثواه الأخير قد اقتربت، وهذا ليس تشاؤمً لكنه أمرٌ واقع، ولا توجد واقعية أكثر من الموت.
يمكن أن يختلف الناس حول بعض الأمور، إلاّ أمر الموت لا يوجد خلاف حوله، ولكن كيف ومتى هذا هو ما ستسفر عنه الأيام القليلة القادمة.
هناك إرهاصات بفتح عبقري يسترد به الحق المضاع، وإن المجلس في الرمق الأخير، وإنه الآن ممدد في وضع الاسترخاء واللاشعور، بينما ينتظر الجمهور من يحدثهم ويطمئنهم بأن المارد على أحسن حال، وسيكون له أمجاد في المستقبل القريب، هذا المارد الذي لا يفرق أعضاء مجلسه، بين الإيمان بقدراتهم وبين التعلم من أخطاء ماضيهم.
من المعلوم إن الذي يسيطر على الماضي يسيطر على المستقبل، ومن يسيطر على الحاضر يسيطر على الماضي، والآن المارد طريح الفراش بكل ماضيه وحاضره ومستقبله، ويحتاج إلى طبيب ماهر لكي يعالجه، بل يحتاج إلى طبيب معجزة يستأصل الداء العضال من جوفه، حتى يمد الله في عمره.
المريخ يعاني من سكرات الموت بسبب ضعف إداراته، ولعل تعبير بكلمة الموت في حالة المريخ، هو تعبير يُقصَد منه الحالة الحرجة التي يعيشها المريخ هذه الأيام، حيث تعاني كل مؤشراته الحيوية من الضعف والأوجاع والآلام، هل سمعتم عن الذين يشعرون بسكرات الموت وهم لا يزالون على قيد الحياة؟
إن ما يمر به المريخ حاليًا ويعانيه، لم يقاسيه في يومٍ من الأيام على مدار تاريخه الطويل، فقد نال نصيبًا من الألم والمرض أورده سوق الشقاء، وهذه عظة لكل متهجم يلعب دورًا أكبر منه.
إننا لم نخطئ عندما عبرنا عن الحال بسكرات الموت، لأننا نرى موت المارد يتحقق أمامنا بينما يتحلق حوله العاطلون، ولا يتوارون عن بعضهم البعض حياءً وخجلًا، حتى يأتيهم الموت لينقذهم من عارهم.
وأهلك العرب قالوا:
لا ترجوا من هؤلاء العطالة أصحاب متلازمة داون، الذين اجتمعوا على عكس ما اجتمع عليه بقية البشر، أن يقدموا لكم شيئًا، فقد عُرِفوا بسيماهم وكل إناءٍ بما فيه ينضحُ.
والله المستعان.
