وسط الرياح

إخلاف الوعود

أبو بكر الطيب

ما عاد أحد يلتزم بما يوعد به كما كان في السابق، ففي السابق كان الالتزام أدبي وأخلاقي، لأن الناس كانوا يحترمون الوعود ويقدسونها أمّا اليوم فلا أحد يهتم بذلك، لأن خلف الوعد وعدم الإيفاء به بات من الأمور العادية بين الناس، وانعكس أثر ذلك على أخلاقياتنا وقيمنا وتعاملاتنا، فصرنا نوعد كما نشاء ونتعهد كما نشاء، ولكن ليس من الضرورة الصدق والإيفاء بما توعد به، وأصبح أن توفي أو تخلف سيّان.

مما يحتم على المجتمع أن يأخذ موقفًا جادًا لمراجعة الذات في إخلاف الوعود مع الناس، حيث صارت مسألة عدم الالتزام بالكلمة أو الوعد ظاهرة متكررةً لا تحتاج إلى جهدٍ لاكتشافها، ولكي نكون أكثر دقة وصراحةً نقول أن الكذب قد أصبح ظاهرة ونمط وسلوك عادي لدى الكثيرين حتى على أعلى المستويات.

ومن المعلوم أن إخلاف الوعد من أقبح الأفعال، فكيف لمن يوعد بقيام مسابقات ودوريات في ظروف أقل ما يقال عنها، أنها غير مستقرة وغير مؤاتية وستواجه معوقات لا نهاية لها.

وكيف لرئيس نادي قمة أن يوعد جماهيره بالبطولات والتسجيلات، والارتقاء بالنادي إلى مصاف الأندية الكبرى، ويعجز عن تحقيق الفوز بدوري محلي؟

قد يتساهل الكثيرون تجاه هذه الوعود ويتهاونون بأمرها، ولا يعطوها حقها من الأهمية ولا يبالون بما وعدوا، فكيف نحافظ على الحقوق وتصريف المهام والإيفاء بالوعود والالتزام بها، وحتى لا نكون من الذين يوعد بالآمال ويعيش بالمخاوف، يوعد بالأحلام وعدًا غير منجز ومتناهي وهذا هو الاحتيال بعينه، فعلى من يوعد بتحقيق أشياء المحافظة والإتمام والإكمال والإنجاز بما وعد أو تعهد، فالوفاء هو عنوان الصدق، والإنسان وأمانته ونبله هو دليل سلامة ضميره وعقله، فالوعد ليس مجرد كلمات تنطق بها فقط وسرعان ما تتبخر.

وختامًا، الوفاء خير من الجود، وعدم الوفاء به يعتبر إساءة وعدم تقدير واحترام.

وأهلك العرب قالوا:
لا توعد بما تعجز عن الوفاء به، فالجود يفقرُ والإقدام قتّالُ.
وليست الأهمية في الإنفاق ولكنها فيما وعدت وأوفيت به.

والله المستعان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: محمي ..