وسط الرياح

التنمر والنمير

أبو بكر الطيب

التنمر من الأفعال السيئة والتجارب المرعبة، لأنه يترك آثارًا سالبة وأزمة عميقة، تنعكس نتائجها على الضحية بشكل كبير، بحيث تترك جراحًا عميقة يصعب مداواتها، وتفرض تحديات مع المتنمر في مواجهات تكون ساخنة، يتعذر معها التواصل والتسامح لأنه من التجارب المؤلمة.

بعض الأقوال المأثورة، تفيد بأن الأسماء هي دلالة للمعاني ودالة عليها، وقد اقتضت الحكمة أن يكون بينها ارتباط وتناسب، وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي ليس له تعلق بها، بل للأسماء تأثير في المسميات وللمسميات تأثر بالأسماء، في الحسن والقبح والخفة والثقل، وقد قيل: “وقلما أبصرت عيناك ذا لقبٍ.. إلاّ ومعناه إن فكرت في لقبه”.

ولعقد مقارنة سريعة بين التنمر والنمير، نجدهما مصطلحان لهما دلالات ومعاني سلبية، منها على سبيل المثال لا الحصر، نجد أن معنى النمير هو الخداع أو الغش والتمويه أو التضليل والتلاعب أو الاستغلال، كما نجد أن معنى التنمر هو الإساءة أو الاعتداء والتهديد أو التخويف والاستغلال أو التلاعب والسخرية أو العبث، وكل هذه الدلالات تعتبر سلوكيات غير مقبولة في نظر الناس، وهذه التفاسير لم تأتِ اعتباطًا ومزاجية، بل لها مراجع معتمدة في اللغة العربية، مأخوذة من جذور لغوية ومعاجم نحوية.

نخلص مما تقدم، إلى أن وصف الإنسان بأوصاف استنتاجًا من اسمه له دلالة واضحة عليه، وقد يكون الارتباط بين الاسم والمعنى يأخذ طابع الأغلبية، وقد قال احد الشعراء:
سميته يحيى ليحيا ولم يكن
إلى ردّ أمر الله فيه سبيل
تيممتُ فيه الفأل حين رزقته
ولم أدر أن الفأل فيه يفيلُ

هذا السلوك العدواني، يتسبب في إلحاق الضرر بالآخرين عن قصد وبشكل متكرر، وقد يحدث التنمر بأشكال مختلفة وصور متعددة، وله أسباب من أهمها الشعور بالضعف والعجز أو انعدام الأمن العاطفي والنفسي، والشعور بالقلق والتقلبات المزاجية.

وأهلك العرب قالوا:
إذا وجدت التنمر يساوي البلادة في بعض الناس، فلا تخلطن بين تبلد التنمر وبين النمير وما جمع بينهما.

والله المستعان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: محمي ..