النمير وتصحيح المسار
صوفي أبو سمرة تكتب لـ”الصّفوة”
أظن أن رئيس مجلس إدارة المريخ، بدأ عمله بلا رؤية محددة ولا خطة عمل مسبقة ولا حتى ترتيب للأولويات، وبالطبع بلا استعانة بأهل الشأن والرأي، ولا تواصل مع من سبقوه في إدارة النادي، فجاء بفكرة البناء وهي بلا شك فكرة جيدة إن لم تكن ممتازة، إذا جاءت بعد دراسة وتخطيط وتصور كامل ورؤية واضحة ومحددة، مع ميزانية مرصودة كآلية ومعينات لتنفيذ فكرة البناء.
ولكن عملية الهدم الممنهج الذي قام به أولًا، بالاستغناء عن عناصر الخبرة وأعمدة الفريق الأساسية، واستجلاب مدرب بسيرة ذاتية لا تتناسب، مع من يتولى تدريب نادي كبير وطموح كالمريخ، وبقدرات فنية ضعيفة، ومزاجية في التعامل مع اللاعبين ودائرة الكرة، فأضاع على المريخ وقتًا ثمينًا وجهدًا ومالًا، وأضاع فرصة كانت مواتية ليسجل المريخ، صفحة ناصعة البياض في تاريخ النادي الكبير، كانت ستظل مرتبطة بالفترة العصيبة من تاريخ البلاد وسيرة النادي، كلما ذكرت فترة الحرب وإفرازاتها، كاتجاه قطبي الكرة السودانية للعب في الدوري الموريتاني، باستضافة كريمة من اتحاد الكرة الموريتاني، فلن يشارك المريخ كل موسم في دوري لدولة شقيقة أو صديقة، لو لا ظروف الحرب وتوقف النشاط وما صاحبها من التهجير القسري، المفروض على الشعب السوداني وكل مؤسساته الرياضية والتنفيذية والخدمية.
ولكن شاءت الأقدار، أن تكون أيام إدارة النمير الأولى متخبطة، وغير مدركة لأهمية المرحلة ولا اسم ومكانة النادي الكبير، والإصرار على القرارات الخاطئة التي أضرت بالمريخ كثيرًا، فظل الفريق يترنح في الدوري الموريتاني كأسوأ نسخة في أسوأ عهد، ليكون المريخ في موريتانيا نسخة للنسيان.
الآن وقد عادت إدارة النادي إلى رشدها بعض الشئ، بعد الثمن المكلف جدًا الذي دفعته جماهير المريخ صبرًا واحتسابًا، مع كم الضغوطات الهائل والرهق النفسي الذي تعيشه أصلًا من ويلات الحرب، التي استنزفت كل خيرات ومكتسبات البلاد والعباد، وعانت هذه الجماهير وصبرت على الخروج من الأدوار التمهيدية في البطولة الافريقية، وعلى الهزيمة من الند التقليدي الذي ما كان ليحلم بها، وعلى الهزائم المتلاحقة في الدوري الموريتاني المتواضع، ليحتل مركزًا متأخرًا لم يكن يتوقعه أكثر المتابعين تشاؤمًا، كآثار حتمية لعملية التشليع التي ابتدر بها النمير عمله الإداري، والتدمير الفني لما تبقى من النجوم من قبل الإيطالي المختل، الذي قضى على ما تبقى من المريخ، حتى وصل إلى حالة يرثى لها من الضعف والهوان، ليفيق رئيس مجلس المريخ من غفوته، ويدرك متأخرًا حقيقة ما فعله بالمريخ، بعد سيل من الانتقادات من مختلف فئات منتسبي المريخ وسخطهم، ليسعى أخيرًا في إصلاح ما أفسده بقراراته الرعناء.
فتمت إقالة المدرب بمخاض عسير، وسلسلة من إجتماعات التقييم، والنظر في عمل الجهاز الفني الذي لم يكن يحتاج إلى نظر ولا تقييم، فعمله كان يقيم نفسه من الميدان أداءً ونتيجة، ومن الاستياء الواضح على ملامح اللاعبين والمتابعين، ولم يكن الأمر يحتاج سوى اجتماع واحد يخرج بقرار شجاع بالإقالة وتحمل كل التبعات، وقفل الباب وراء المدرب سوليناس وطاقمه، والتفكير الجاد في استجلاب مدرب ذو خبرة ودراية بالتنافس الإفريقي، ونفسية اللاعب المحترف سواءً كان إفريقيًا أو وطنيًا، والعمل على استعادة هوية المريخ الضائعة، بمدرب ذو مقدرة فنية تواكب ما ذهبت إليه الإدارة من عملية بناء وارتقاء بالعمل الإداري حسب رؤيتها.
ولكن أخيرًا تعاقدت إدارة المريخ مع الصربي ميشو، ذو الخبرة في العمل مع الأندية والمنتخبات الإفريقية، وحتى لو كان القرار متأخرًا وكلفنا موسمًا كاملًا من الفشل والإحباط، ولكن أن تأتي متأخرًا بقرارات تصحيحية معترفًا بخطأ ما فات من قرارات، والعمل باجتهاد لإعادة فريق الكرة إلى المسار الصحيح، حتى يقوى على التنافس الخارجي والمحلي، ويعود إلى مكانه الطليعي الذي نعرفه.
قرار التعاقد مع الصربي، يجب أن ترافقه عدة قرارات قوية وجادة، وتوفير كافة معينات العمل للمدير الفني الجديد في أجواء سليمة متعافية، وتوفير كل أسباب النجاح من إعداد مبكر وجيد، وإضافات نوعية بمحترفين لهم وزنهم، من ذوي الخبرة والمهارة وصناعة الفارق، وتغطية كل الثغرات، وتلبية إحتياجات الفريق في كل الخطوط والخانات، وإضافة لاعبين محليين مميزين، مع الاستعانة ببعض اللاعبين المميزين في فريق الشباب، وكل ذلك إذا يتم برؤية واستشارة قدامى لاعبي المريخ، أو المدربين المحليين أصحاب الخبرة الطويلة في الدوري السوداني الممتاز.
وترك المدير الفني يعمل مع دائرة اختصاصه فقط، كعودة حقيقية للمؤسسية التي غابت عن عمل مجلس إدارة النمير، ويتفرغ بقية الإداريين للقيام بما يليهم من مهام إدارية أخرى.
اللهم إنّا نسألك نصرًا مؤزرًا وفتحًا مبينًا لقواتنا المسلحة، والقوات المشتركة وكل القوات النظامية المقاتلة معها، اللهم احفظ بلادنا من كيد المعتدين، ومكر العملاء والخونة والمارقين اللهم آمين.