وسط الرياح

وهم الشخصية!

أبو بكر الطيب

على مر التاريخ، تكون دائمًا هناك شخصيات وهمية تترك بصمتها في المجتمع.

هذه الشخصية، على الرغم من أنها ليست حقيقية، إلاّ أنها تؤثر بشكل عميق على حياتنا اليومية والاجتماعية، مما يجعلها جزءاً لا يتجزأ من الشخصيات المجتمعية المعروفة.

ومما لا شك فيه تلعب تلك الشخصيات دورها في تشكيل القيم والمعتقدات، وتضع بصمتها ورؤيتها في حياة الناس.

وقد يتساءل البعض: ما هي الشخصية الوهمية؟

وللإجابة على هذا السؤال، نستطيع أن نؤكد على أن الشخصية الوهمية هي تلك الشخصية التي دخلت وتسربت إلى المجتمع في غفلة من الزمان، وتمددت في المساحات الخالية والأماكن الشاغرة، واستطاعت أن تعبر عن نفسها بشكل مباشر في تلمسها لقضايا المجتمع وقيمه الإنسانية، واحتلت مكانة مرموقة بين مختلف المجتمعات، وأصبحت لها تأثيرها المباشر على المجتمع ككل.

هناك شخصيات تراثية وأبطال أسطوريين عبر التاريخ القديم والحديث والمعاصر، لعبوا أدوارًا مهمة في حياة الناس، مثل هرقل، البطل الأسطوري الذي كان يمثل الشجاعة والقوة الخارقة، وفينوس وأفروديت اللذان رمزوا للحب والجمال. كما كانت هناك شخصيات أدبية مثل دون كيشوت، الشخصية الإسبانية التي ابتدعها الكاتب ميغل، والتي تمثل المثالية والسعي وراء المستحيل. وشخصية شرلوك هولمز، المحقق الوهمي الشهير الذي خلقه آرثر كونان، والذي أصبح رمزاً للذكاء وحل الألغاز.

أما نحن في السودان، فقد ابتلانا المولى عزّ وجل بشخصيات ما أنزل الله بها من سلطان، شخصيات وهمية تمثل الجانب السلبي بما تبرع فيه من انتهازية واستغلالية مخادعة، فهي شخصيات تعمد في نهجها على الاستفادة من أخطاء المجتمعات لتحقيق أهداف خاصة بالاستغلال الماكر للطموح البشري اللامحدود. وهناك أثرياء الغفلة الذين يدغدغون مشاعر المفلسين ببعض من أموالهم، ويبيعونهم الوهم والخداع لتحقيق مكاسب سريعة. يستغلون حوجة الناس واحتياجاتهم المادية، وضعفهم أمام المادة، فتنهار قواهم فينقادون خاضعين لتنفيذ كل ما يطلب منهم مقابل دراهم معدودات.

فكم من قضية تم بيعها وشراءها نهارًا جهارًا؟ وكم من حقيقة تم ذبحها عينًا بيانًا؟ وكم من أصوات تم شراءها في وضح النهار؟
كل هذا وأكثر جاءت به الشخصيات الوهمية، وأصبح واقعًا معاشًا، وكل من تسوّل له نفسه المناهضة والمحاربة والانتقاد، يجد نفسه مضطرًا لمواجهة الغالبية من الذين يريدون ويؤيدون ويدعمون تلك الشخصية الوهمية التي دانت لها السيطرة الكاملة لتحقيق أهدافها.

وأهلك العرب قالوا: “إن الشخصية الوهمية كالشمعة في مهب الريح، لا تستمر طويلًا، وإن ما تبنيه الأوهام ينهار عند أول عاصفة”.

والله المستعان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: محمي ..