الفقر والصراع الداخلي!
أبو بكر الطيب
الخوف من الفقر ليس مجرد هاجس اقتصادي، بل هو حالة نفسية واجتماعية متجذرة في الوعي الجماعي، تشكل نظرتنا إلى العالم، وتحدد سلوكياتنا وتفاعلنا مع الآخرين.
نحن لا نخشى الفقر لذاته فقط، بل لما يحمله من معانٍ متشابكة من العجز والحرمان والعدوانية، وما يجعلنا نعيش في صراع مستمر بين السعي للنجاح والخوف من السقوط.
هذا الصراع الداخلي يتحول في كثير من الأحيان إلى مؤامرة ذاتية ضد أنفسنا، فتقودنا إلى التدمير الذاتي دون أن نشعر.
نعم، إن الخوف من الفقر والفاقة يمكن أن يصبح عبئًا ثقيلًا يؤثر على حياتنا اليومية، فكثيرًا ما نشعر بالقلق من فقدان ما لدينا أو من عدم القدرة على تحقيق ما نطمح إليه، مما يجعلنا نركز على ما يمتلكه الآخرون بدلًا من تقدير ما لدينا.
هذا الشعور بالقلق والخوف يمكن أن يؤدي إلى حالة من الشلل النفسي، حيث نصبح عاجزين عن اتخاذ قرارات إيجابية، أو حتى عن محاولة تغيير واقعنا.
إن المؤامرة التي ندبرها ضد أنفسنا، والتي تتمثل في التفكير السلبي والمقارنات المستمرة مع الآخرين، تضعنا في دائرة مفرغة من القلق والخوف، مما يمنعنا من رؤية الفرص التي قد تكون متاحة أمامنا.
قد يكون من المفيد أن نتعلم كيفية إدارة هذه المشاعر من خلال تطوير الوعي الذاتي وتعزيز التفكير الإيجابي، فبدلًا من التركيز على ما ينقصنا، يمكننا العمل على تقدير ما لدينا، والسعي نحو تحسين حياتنا بطرق إيجابية.
يُعتبر الخوف من الفقر والفاقة شعورًا شائعًا بين العديد من الأفراد والجماعات، وهذا الخوف قد تفرضه ظروف معينة، كما يعاني منه معظم أهل السودان هذه الأيام. ولا يقتصر الخوف على نقص المال فقط، بل يمتد ليشمل القلق من فقدان مصدر الرزق، وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات الأساسية في ظل الأزمات الاقتصادية، مما يرسخ هذا الشعور في الذهن، ويزيد من الضغط النفسي والخوف من الفشل.
ومما لا شك فيه، أن الآثار الاجتماعية التي قد يتركها هذا الشعور المدمر بالخوف من الفقر قد تؤدي إلى تفكيك العلاقات الاجتماعية والأسرية، حيث قد يصبح الأفراد أكثر عزلة نتيجة مشاعر القلق والخوف.
لذا، من المهم أن يكون المرء على يقين وثقة بالله عز وجل، والتوكل عليه في سبيل تحقيق الاستقرار النفسي، فذلك يساعده في تجاوز هذه المشاعر السلبية.
وأهلك العرب قالوا:
الخوف من الفقر والفاقة شعور معقد يتطلب وعيًا وفهمًا عميقين، من خلال معالجة الأسباب والآثار، وتطبيق الحلول المناسبة، لتقليل الخوف وتحقيق حياة أكثر استقرارًا ورضًا.
والله المستعان.