الدوري الفشلوني!

أبو بكر الطيب
من منظورٍ واقعي وبعيدٍ عن الحساسيات التي لا داعي لها، وبدون مبرراتٍ واهية لا تمتّ للحقيقة بأي صلة، ومن خلال المتابعة للدوري الممتاز يمكن أن نصفه بأنه بيئةٌ رياضية غير مستدامة، ولا يمكن وصفه بالدوري الممتاز لأنه يفتقر إلى أدنى المقومات الأساسية لما يسمى بالدوري الممتاز ليُعتمد كمطورٍ للرياضة في البلاد وتعزيز الأداء الرياضي، ومن ثم تمثل أنديته قارّيًا وإقليميًّا.
هناك عدة عوامل تؤكد فشل هذا الدوري وعدم نجاحه، ويمكن حصرها وتحليلها باستخدام نموذج النظم الرياضية المتكاملة الذي يعتمد على إيجاد البنية التحتية الرياضية المناسبة في حدّها الأدنى، والتي تعتبر معدومةً حتى الآن في كل الميادين التي يُلعب فيها الدوري الممتاز.
أولًا: معظم الأندية المشاركة في الدوري الممتاز تشكو غياب المقرات السكنية المخصصة وملاعب التدريب، مما يحدّ من كفاءة الأندية.
ثانيًا: ملاعب المنافسة نفسها غير مهيأة، وذلك يؤثر بشكلٍ مباشر على جودة المباريات، ويزيد من معدلات الإصابة بين اللاعبين. بالإضافة إلى السكن غير المريح والإعاشة غير الجيدة التي تؤثر على استشفاء اللاعبين، مما يقلل من قدرتهم على تقديم أداءٍ رياضي ممتعٍ ومستدام.
ثالثًا: يفتقر هذا الدوري للكفاءات في ظل غياب المدربين المحترفين، وينعكس ذلك على تدنّي مستوى التدريب وتراجع مهارات اللاعبين، الذين عادوا مرةً أخرى للخدمة بعد إحالتهم للمعاش قبل مدةٍ ليست بالقصيرة. ولكن بفضل هذا الدوري الكسيح تمّت إعادة هؤلاء اللاعبين المعاشيين، وتمت إعادة تدويرهم مرةً أخرى، وذلك من مبدأ: “الطشاش في بلد العمي شوف.”
رابعًا: قضاة الملاعب المتواضعون يؤثرون على نزاهة المنافسة، مما يؤدي إلى ضعف الأداء وانعدام الثقة في الدوري من قبل المتابعين واللاعبين أنفسهم.
خامسًا: أي دوريٍ في العالم يفتقد الجماهير يُعتبر دوريًّا فاشلًا بكل المقاييس. فغياب الجمهور يعني فقدان أحد أهم العناصر لنجاح الدوري، حيث تؤثر الجماهير في رفع الروح المعنوية والتنافسية لدى اللاعبين، فضلًا عن تحسين الدخل، ويُعتبر الجمهور عنصرًا أساسيًّا في دعم الأندية اقتصاديًّا ومعنويًّا.
سادسًا: الإعلام الرياضي، وما أدراك ما الإعلام الرياضي!
فهو القادر على جعل الدوري الممتاز “ممتازًا” وقادر على تحقيق الاستمرار والاستدامة.
سابعًا: هذا الدوري غير الممتاز يفتقر لأهم عنصرٍ من عناصر قيامه، وهو العدالة التنافسية. فعندما يكون الدوري ضعيفًا في جميع عناصره يصبح بيئةً طاردةً للاعبين والجماهير وجميع المواهب، وتُتاح فيه الفرصة للمتردية والنطيحة وما أكل السبع. فيهرب اللاعبون الطموحون ويفضّلون الانتقال إلى دورياتٍ أكثر احترافية، مما يؤدي إلى مزيدٍ من التراجع في المستوى العام وانخفاض القيمة السوقية للاعبين والدوري.
كلّ ذلك يُسمى بالعبث الدوري، ويخلق حلقةً مفرغةً من التدهور المستمر، خاصةً عندما تنعدم العدالة ويتمّ هضم حقوق بعض الأندية من قبل الاتحاد المنظّم للمنافسة.
وعليه، مهما حاول الاتحاد العام تحسين صورة هذا الدوري غير الممتاز في نظر الجماهير، وتحويله عن طريق الإعلام المضلّل إلى دوري ناجح، فلن يستطيع إلى ذلك سبيلًا.
وأهلك العرب قالوا:
“لا يمكن وصف هذا الدوري بالممتاز لأنه يعاني من فجوةٍ تنمويةٍ وغذائيةٍ وسكنيةٍ، مما يجعله غير قادرٍ على تحقيق النجاح.”
والله المستعان.