زلزال في أروقة الاتحاد السوداني!!

أبو بكر الطيب
مصالحة شخصية بنكهة رياضية تهدد استقرار المؤسسة
تشهد أروقةُ الاتحادِ العام السوداني لكرة القدم تطوراتٍ دراماتيكيةً تُنذرُ بزلزالٍ إداريٍّ قادم، بعد إقدامِ رئيسِ الاتحادِ على مصالحةٍ مفاجئةٍ مع قياداتٍ سابقةٍ مثيرةٍ للجدل، كانت علاقتُه بها في السابقِ مضطربةً إلى درجةٍ بلغت حدودَ التشهيرِ العلنيِّ وتبادلِ الإساءات.
اللافتُ في هذه الخطوةِ أنها لم تأتِ عبر أطرٍ مؤسسيةٍ واضحة، بل بدت أقربَ إلى تصرفٍ فرديٍّ يُغلَّفُ بغلافٍ اجتماعيّ، في حين أن تداعياتِها تُلامسُ صميمَ العملِ المؤسسيّ وتضعُ علاماتِ استفهامٍ كبيرةً حول توقيتِها وخلفياتِها. فقد تزامنت هذه المصالحةُ مع اقترابِ موعدِ الجمعيةِ العموميةِ للاتحاد، ما يثيرُ الشكوكَ حول ارتباطِها بأهدافٍ انتخابيةٍ خفيةٍ تسعى لإعادةِ تدويرِ أسماءٍ لفظتْها القاعدةُ الرياضيةُ في وقتٍ سابق.
الأطرافُ التي شملتها هذه “المصالحة”، وإن كانت قد غابت عن المشهدِ الرسميِّ بعد انتهاءِ ولايتِها، لم تغب عن دائرةِ الجدل، وهي الآن تجدُ في هذا التقاربِ المفاجئِ فرصةً ذهبيةً للعودةِ إلى الواجهة، عبر بوابةِ النفوذِ الشخصيِّ لا الكفاءةِ ولا القبولِ الجماهيريّ.
ولم تمرّ هذه الخطوةُ دون ردودِ فعلٍ عنيفة؛ فقد قوبلت باستياءٍ عارمٍ من نوابِ الرئيس، الذين عبّروا بوضوحٍ عن رفضِهم القاطعِ لها، واعتبروها مهددًا لاستقرارِ الاتحادِ وتماسكِه، وتجاهلًا متعمدًا للخلافاتِ التاريخيةِ التي لا تزال آثارُها حاضرةً في ذاكرةِ الوسطِ الرياضيّ. النوابُ تمسكوا بموقفِ القطيعة، واعتبروا أن هذه المصالحةَ شخصيةٌ لا تلزمُ الاتحادَ كمؤسسة، بل تُشكّل تهديدًا مباشرًا لوحدتِه واستقرارِه.
في نظرِ كثيرٍ من المتابعين، يبدو أن هذه الخطوةَ ليست سوى محاولةٍ للّعب بـ”الثلاثةِ ورقات”، واستغلالِ النفوذِ الحاليِّ داخل الاتحاد لإعادةِ إنتاجِ مشروعٍ سياسيٍّ رياضيٍّ فشل سابقًا في اكتسابِ الشرعيةِ أو الاستمرارية. وهو ما فسّره البعضُ بأنه شكلٌ من أشكال “الشيطنةِ والفهلوة” التي تسعى لاختراقِ المؤسسةِ من جديدٍ لتحقيقِ مصالحَ ضيقةٍ تتعارضُ مع المصلحةِ العامةِ لكرةِ القدمِ السودانية.
التداعياتُ لم تتأخر؛ إذ بدأ الشرخُ يتسعُ داخل مجلسِ الاتحاد، وظهرت بوادرُ انقسامٍ داخليٍّ بين تيارين: أحدُهما يرى في المصالحةِ تراجعًا عن مبادئِ المواجهةِ السابقة، والآخرُ يصفُها بأنها محاولةٌ لإعادةِ فرضِ وجوهٍ مرفوضةٍ عبر تسوياتٍ نفعيةٍ ومشبوهة.
هذا المشهدُ المضطربُ يُنذرُ بعواقبَ وخيمة، ليس فقط على مستوى الأداءِ الإداريّ، بل على مستقبلِ الاتحادِ كجسمٍ يسعى لخوضِ الانتخاباتِ القادمةِ بنفسِ تشكيلةِ اللاعبينَ الحاليين، بدونِ إضافةِ أيِّ لاعبٍ جديدٍ يُخربُ الرصّة، يُفترضُ فيه النأيُ عن التوظيفِ الشخصيِّ والسياسيِّ ودخولِ لاعبينَ جدد.
إن ما يحدثُ اليومَ يستدعي وقفةً مسؤولةً من جميعِ الجهاتِ ذاتِ الصلة — من الأنديةِ، إلى الإعلامِ، إلى الجمهورِ الرياضيِّ العريض — للضغطِ من أجلِ إعادةِ بوصلةِ الاتحادِ إلى مسارِها الصحيح، وحمايةِ المؤسسةِ من الانجرافِ في وحلِ الحساباتِ الضيقة.
وفي ختامِ هذا المشهدِ المرتبك، نستحضرُ قولَ سيدِنا عليٍّ بنِ أبي طالبٍ كرّم الله وجهه:
“ما ضعفَ جسدٌ عما قويت عليه النيةُ، ولا قويت نيةٌ لامرئٍ إلا وهزم بها”
فإن كانتِ النوايا صادقةً، فلتكنْ في خدمةِ كرةِ القدمِ، لا وسيلةً لإعادةِ تدويرِ الفشل.
وأهلك العربُ قالوا:
ومن جرّبَ المُرَّ لا يعودُ إليه
والطريقُ المسدودُ لا يُسلكُ مرتين
ولا يُلدغُ المؤمنُ من حجرٍ مرتين
فهل أنتم مؤمنون؟؟؟؟
والله المستعان.
