وسط الرياح

ليلة سقوط السلطان!!

عدد الزيارات: 21٬004

474

أبو بكر الطيب 

وولادة الانتظار: صرخة في وجه خذلان الرياضة السودانية

تتزاحم الغصّات في حلوقنا، وتضيق الصدور ونحن نشهد فصولًا مؤلمة تُكتب لتاريخ الرياضة في سوداننا الحبيب. كنا نمنّي النفس بأن تكون هذه المرحلة، مرحلة بناء السودان الجديد الذي نتطلع إليه خاليًا من كل أشكال الظلم والعبث، بداية عهدٍ مشرقٍ لرياضتنا، يقوده رجالٌ على قدر المسؤولية والتحدي.

لكن سرعان ما تبددت الآمال، وتلاشت الوعود كفقاعات صابون. رأينا بأعيننا كيف تتساقط تباعًا قامات رياضية كنا نظنها عصيّة على الانكسار، تتخلى عن مبادئها وهيبتها، وتستسلم لإغراءات زائفة أو لضغوط خفية. ويا للأسف، فقد التقى “التعيس” بـ”خائب الرجاء” على مائدة “وئام” مشبوه، طاوين صفحة الماضي بظاهر المصافحة والتبريك، لكن باطن هذا “الصفح” يحمل في طياته سمًّا زعافًا لمستقبل شبابنا ورياضيينا.

لقد كان عشمنا في ذلك “السلطان” المنتظر كبيرًا. علّقنا عليه آمالًا عراضًا بأن يكون على قدر المرحلة، وأن يغتنم فرصة بناء السودان الجديد ليؤسس لعهد رياضي قويم وعادل. كانت أمنياتنا أن يكون عهده فاتحة خير، وأن يضع حدًّا للتخبط والفساد الذي نخر جسد رياضتنا لعقود.

ولكن، وكما يقال: “جاءت الحزينة تفرح”… فبدلًا من أن ينطلق “السلطان” في جولته الأولى بثباتٍ وعزيمة، آثر الرحيل المبكر، تاركًا الحلبة مفتوحة لـ”الذئاب” لتعيث فيها فسادًا، و”الأغنام” لتكون لقمة سائغة. لقد رفع الراية البيضاء سريعًا، مستسلمًا لمن أرغموه على التخلي عن وعوده وشعاراته البراقة بالتغيير والإصلاح.

يا له من خذلان موجع! ويا لها من صفعة قوية على وجوه كل من آمن بالتغيير وتطلّع إلى مستقبل أفضل لرياضتنا. لقد فتح “السلطان” المجال واسعًا لاستمرار التخبط والفساد، ووضع يده في يد من كانوا سببًا في تدهور حال الرياضة، متجاهلًا آمال وتطلعات القاعدة الرياضية العريضة.

لكن يبقى الأمل شعلة لا تنطفئ في قلوب الغيورين على مصلحة هذا الوطن. فبعد هذا السقوط المدوي، يبدأ فصل جديد من الانتظار. ننتظر بزوغ فجر فارس جديد، قائد شجاع يمتلك الوعي والقوة والعزيمة ليقود ثورة التصحيح. لقد بدأت رياح التغيير تهب بالفعل، وإن كانت بطيئة، لكنها تحمل في طياتها وعدًا بميلاد قيادة رياضية جديدة، واعية بحجم المسؤولية، وقادرة على تحقيق أهداف وتطلعات الرياضيين في المستقبل القريب والبعيد.

إن الطريق إلى إصلاح رياضتنا طويل وشاق، لكنه ليس مستحيلًا. يتطلب تضافر جهود المخلصين، ورفع الصوت عاليًا في وجه كل أشكال الفساد والتخاذل. يجب أن نكون نحن، القاعدة الرياضية، صوت التغيير، وأن نطالب بحقوقنا وبمستقبل يليق بتاريخ وعراقة رياضتنا السودانية.

رسالتنا إلى “السلطان” الراحل واضحة ومباشرة: لقد خذلت الأمانة، وتخلّيت عن المسؤولية في لحظة حاسمة. لقد فتحت الباب أمام استمرار العبث، وتركت حلبتنا تمرح فيها قوى الظلام. لكن تذكّر دائمًا أن التاريخ لا يرحم، وأن الأجيال القادمة ستحكم على أدائك وتقاعسك.

أما نحن، فإننا نؤمن بأن بعد كل سقوط نهضة، وبعد كل ظلام فجر جديد. سنظل ننتظر ذلك الفارس الذي سيقود ثورة التصحيح، ويعيد لرياضتنا السودانية عزّها ومكانتها اللائقة. وسنظل نغرس بذور الأمل في كل قلبٍ محبٍ لهذا الوطن، حتى يزهر المستقبل برياضة سودانية شامخة وقوية.

وأهلك العرب قالوا:

ضجّت معالمها وضاعت القيم،
وتحالف الذئب والطاووس والغنم.

والله المستعان.  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..