كيف ولماذا يجب أن تكون عضوية نادي المريخ ما بين 30 ألفًا إلى 50 ألف عضو؟

م.ياسر صديق العمدة
في مقال سابق، تحدثنا عن للاستفادة من التكنولوجيا والتطور الهائل في وسائل التواصل والاتصالات في تصحيح وضع العضوية، وكيفية تجديد واكتساب عضوية نادي المريخ، وكذلك في إجراء عملية انتخابية لا تشوبها أي شوائب بإنشاء تطبيقين كموقع إنترنت وبقاعدة بيانات مشتركة.
اليوم سنتحدث عن العضوية، وكما هو واضح في عنوان المقال التساؤلي: كيف ولماذا يجب أن تكون عضوية نادي المريخ ما بين 30 ألفًا إلى 50 ألف عضو؟
أولًا، دعونا نتحدث عن (لماذا) يجب أن تكون عضوية نادي المريخ ما بين 30 ألفًا إلى 50 ألف عضو؟
الفوائد من هذا الأمر كثيرة ومتعددة، ولتناولها سنقسمها إلى المحاور الآتية:
1- الفوائد الإدارية
2- الفوائد المالية والجماهيرية
3- الفوائد التسويقية
4- الفوائد السيادية القانونية
أولًا: محور الفوائد الإدارية:
تظهر الفوائد الإدارية في أن زيادة العضوية إلى 30 ألفًا على الأقل يمكن النادي من تفعيل الديمقراطية كممارسة وكحوكمة تضبط الأداء، وتمكّن من توزيع وتوازن السلطة والرقابة، ويتمثل ذلك في الآتي:
1- تقوية الجمعية العمومية واستقلاليتها بضمان عضوية حقيقية طاغية باعتبارها السلطة الأعلى، وضمان قيامها بدورها التشريعي والرقابي كأعلى سلطة دون توصيات من أحد، وكجهة تحكم وتضبط أداء مجالس الإدارة.
2- التخلص من العضوية المستجلبة والموجهة لأداء وتنفيذ رغبات من استجلبها، وإزالة الفساد الانتخابي بكل أشكاله، وإزالة نفوذ المتحكمين في العضوية بأي شكل.
3- ضمان الشفافية في الانتخابات وصحتها ودقة إجرائها وفقًا للقانون، وكذلك في القرارات المتخذة وفي مناقشة خطابات الميزانية بكل شفافية ومصداقية.
4- جمعية عمومية بهذا الحجم يصعب معها، إن لم يكن مستحيلًا، تمرير عمليات الفساد الإداري والمالي، كما يصعب تجاوز الفشل وضعف الأداء دون المحاسبة عليه.
ثانيًا: محور الفوائد المالية والجماهيرية:
كثيرًا ما دار الحديث عن رسوم نيل العضوية بناءً على التجارب السابقة كلها، وعند تحليل تلك التجارب نجد أن الخدمة الوحيدة التي ينالها العضو من نيل العضوية هي خدمة فرصة التصويت في الانتخابات، وهي في الغالب فرصة موجهة. عدا ذلك، لا توجد أي خدمة أو فائدة عائدة على العضو. لذا، كان من المستحيل وضع رسوم عالية تعود بالنفع على الأعضاء وعلى النادي. لذلك، قبل أن نتحدث عن رقم ما كرسوم عضوية، دعونا أولًا نتحدث عن الخدمات والفوائد التي من الممكن أن تعود على الأعضاء كامتيازات مرتبطة بالعضوية:
1- تخفيضات ناتجة من شراكات النادي مع شركاء مثل المطاعم والفنادق، شركات النقل، شركات الطيران ووكالات السفر، شركات الاتصالات، مؤسسات تعليمية وصحية.
2- أولوية في شراء التذاكر ودخول المباريات، بل يمكن تخصيص مقاعد ثابتة للأعضاء.
3- خدمات وامتيازات حضور الجمعيات العمومية.
4- الاستفادة من خدمات النادي الأسري.
5- تخفيضات في رسوم ممتلكات النادي مثل صالة المناسبات، حوض السباحة، مراكز التدريب، وغيرها من الخدمات التي تقدم عبر استثمارات النادي.
6- الاستفادة من شراكات النادي مع شركات الطيران ووكالات السفر في تنظيم رحلات لمرافقة فريق الكرة في رحلاته الخارجية بتخفيضات مناسبة.
ما ذكر أعلاه هو الفوائد التي يمكن أن يستفيد منها العضو عند نيل العضوية، وبالتالي يقوم بدفع الرسوم مقابلها مع الإحساس بأنه يتلقى خدمات وامتيازات تربطه بالكيان. ويمكن تصميم خدمات أخرى يستفيد منها الأعضاء.
الآن دعونا نقترح فئات العضوية وما يقابلها من رسوم (اقتراح قابل للتطوير والإضافة)، وسنقسم هذه الفئات إلى ثلاث فئات:
الفئة الأولى: العضوية العادية:
هي العضوية التي تستفيد من امتياز حضور الجمعية العمومية، ونسبة 30% من الخدمات المقدمة تكون مجددة مسبقًا، ورسومها 30 دولارًا سنويًا.
الفئة الثانية: العضوية الفضية:
هي العضوية التي تستفيد من امتيازات حضور الجمعيات العمومية، زائد 60% من الخدمات المقدمة، على أن يكون الاختيار متوازنًا ماليًا في قائمة الخدمات الكلية، ورسومها 60 دولارًا سنويًا.
الفئة الثالثة: العضوية الذهبية:
هي العضوية التي تستفيد من امتيازات حضور الجمعية العمومية، مع الاستفادة من الخدمات المقدمة بنسبة 100%.
بعد هذا التوضيح فيما يتعلق بامتيازات نيل العضوية وتحديد فئات العضوية وتقدير الرسوم وفقًا لذلك، دعونا نقوم بتحليل مالي بسيط لنرى ما هي المبالغ العائدة للنادي في السنة.
ولأجل ذلك، نفترض أن من نالوا العضوية العادية هم 65%، والعضوية الفضية 25%، والعضوية الذهبية 10%.
لنحسب العائدات الآن في الحد الأدنى، وهو عضوية تبلغ 30 ألف عضو كالآتي:
30000 × 0.65 × 30 = 585,000
30000 × 0.25 × 60 = 450,000
30000 × 0.1 × 100 = 300,000
الإجمالي = 1,335,000 دولار
الآن نحسب العائدات إذا كانت العضوية 50 ألف عضو:
50000 × 0.65 × 30 = 975,000
50000 × 0.25 × 60 = 750,000
50000 × 0.1 × 100 = 500,000
الإجمالي = 2,225,000 دولار
عليه نجد أن رفع العضوية إلى عدد يتراوح بين 30 ألفًا إلى 50 ألف عضو يعود على النادي بعائدات سنوية تتراوح ما بين (مليون وثلاثمائة وخمسة وثلاثين ألف دولار) إلى (اثنين مليون ومئتين وخمسة وعشرين ألف دولار) سنويًا، وهذه المبالغ الناتجة من العضوية فقط كافية لفعل الكثير إذا أُحسن توظيفها، وهي وحدها فقط كافية للإجابة على السؤال: لماذا يجب أن تكون عضوية نادي المريخ ما بين 30 ألفًا إلى 50 ألف عضو؟
هذه المبالغ توفّر تمويلًا ذاتيًا مستدامًا كافيًا لتغطية الرواتب الأساسية وتحريك الاستثمارات الأولى.
ثالثًا: محور الفوائد التسويقية:
يمكن أن نجمل ذلك في الآتي:
كلما زاد عدد الأعضاء الفعليين (وليس الجمهور المشجع فقط)، كلما زادت:
1- قيمة النادي في نظر الرعاة والممولين، وأصبح ذلك عامل جذب وضمان لشراكات ضخمة.
2- أصبح بإمكان النادي طلب تمويل بملايين الدولارات لأنه يمتلك عضوية منظمة وفاعلة وممولة.
3- ضمان سوق مبدئي قوامه من 30 ألفًا إلى 50 ألف عضو لمنتجات النادي الأخرى.
4- يمكن للعضوية أن تشتري تذاكر المباريات حتى وإن لم تحضر بشكل تطوعي.
5- إقامة يوم احتفالي سنوي يسمى “يوم الصفوة” أو “يوم المريخ” أو أي اسم محفز تشارك فيه العضوية بفاعلية، ويُكرّم فيه رموز النادي الذين تميزوا خلال العام من الإداريين والعاملين واللاعبين والإعلاميين والجمهور والشركاء والرعاة، مع تكثيف المشهد بالهوية البصرية للمريخ، وتكثيف الإعلام حوله. هذا اليوم يمكن أن يحتوي على برامج عديدة تُصمّم بشكل احترافي وإبداعي، ليكون هو نفسه قابلًا للتسويق للقنوات التلفزيونية والإذاعية، ويكون قادرًا على جلب الرعاية.
رابعًا: الفوائد السيادية والقانونية:
يمكن إجمالها في الآتي:
1- ضمان الاستقلالية المالية، لأن عائدات العضوية المالية تشكل ضمانًا في حالة وجود أزمات مالية أو أي نقص في عائدات الممولين والرعاة أو انسحابهم.
2- بناء مؤسسة لا تعتمد على جيوب الأفراد، وبالتالي تحقيق استقلالية القرار عن الداعم أو الداعمين، أي أن النادي يصبح مؤسسة مستقلة وليست مرهونة لأحد بكونه الممول الأوحد أو الرئيسي.
3- العضوية الكبيرة تخلق مجتمعًا مؤسسيًا قادرًا على محاسبة مجلس الإدارة وضبط التجاوزات وخلق البدائل.
4- الجمعية العمومية تستطيع أن تقوم بدورها التشريعي والقانوني، ودورها في إنفاذ القانون بصورة مستقلة غير موجهة، وهذا كسب تشريعي قانوني كبير.
كل ما ذُكر أعلاه يوضح بجلاء لماذا يجب أن تكون عضوية نادي المريخ ما بين 30 ألفًا إلى 50 ألف عضو، مع التذكير أن كل محور يمكن أن يُفصل بتفاصيل عديدة.
الآن لنوضح كيف يمكن أن نصل إلى عضوية حجمها ما بين 30 ألفًا إلى 50 ألف عضو:
أولًا: فتح باب العضوية الرقمية:
وذلك ببناء تطبيقين بقاعدة بيانات واحدة في موقع إلكتروني واحد، أحد التطبيقين لتجديد ونيل العضوية، والآخر للانتخابات والتصويت (وقد وضّحنا كيفية ذلك في مقال سابق)، والموقعان يدعمان الدفع الإلكتروني من داخل وخارج السودان، ويقدمان هوية عضوية رقمية مميزة يمكن الاستفادة منها بالشراء من متجر النادي الإلكتروني.
ثانيًا: ربط العضوية بالامتيازات والخدمات:
ربط العضوية بالامتيازات والخدمات التي تعود على العضو بفوائد عديدة، والعمل على تطوير هذه الامتيازات والفوائد المذكورة في محور الفوائد المالية والجماهيرية أعلاه باستمرار، وتسويقها داخل وخارج السودان.
ثالثًا: إطلاق حملة (أنا المريخ):
حملة إعلامية تسويقية عالمية ضخمة يُعد لها بشكل احترافي، تُطلق داخل وخارج السودان لنيل العضوية وتجديدها، مع توضيح الامتيازات بشكل مكثف، ومصاحبة لكل ذلك تبرعات موثقة بمستندات مالية، سواء كانت إلكترونية أو ورقية معتمدة وذات موثوقية عالية جدًا.
رابعًا: إطلاق حملة تسويقية إعلامية تحفّز روح الانتماء للنادي تحت شعار (بناء النادي وتطويره بأموال جماهيره).
خامسًا: إشراك روابط المريخ في الخليج وأوروبا وأمريكا وكل دول العالم:
كل رابطة تعمل على تسجيل عدد معين من الأعضاء الجدد وعدد آخر من تجديدات العضوية، ويتوافق العددان طرديًا مع عدد جماهير المريخ في نطاق عمل الرابطة المعنية، مع عمل مسابقات تحفيزية بين الروابط في تحقيق الأعداد المعلنة مسبقًا.
في الختام، نقول وبكل ثقة إن عضوية تقل عن 50 ألف عضو لا تليق بنادٍ مثل المريخ، له جماهير تفوق عشرين مليونًا، وله تاريخ وإرث تجاوز المئة عام، حافل بالإنجازات والبطولات والذكريات لكل مشجع، وله مجتمع تحوّل إلى عائلة تداخلت وترابطت اجتماعيًا وثقافيًا وأصبحت هوية وانتماء.
وفي ذات الوقت، نقول إنه بقليل من العمل الجاد بدوافع النتائج والفوائد الموضحة أعلاه، يمكن أن تصل عضوية نادي المريخ إلى 100 ألف عضو وتزيد، لتزيد معها الفوائد العائدة على النادي وعلى جمهوره.
وأتمنى أن يأتي اليوم الذي نصيغ فيه السؤال بأعداد خاناتها ست خانات، أي بالمليون.


