لا تتركوا الأسود وحدهم: نداء إلى الضمير الرياضي السوداني
أبو بكر الطيب
في زحمة انشغالات الحياة، وفي صخب الرياضة المتقلبة بين الفوز والخسارة، هناك لحظات فارقة تختبر معدننا الإنساني، وتُعرّي ذاكرتنا أمام التاريخ.
اليوم، يقف الضمير الرياضي السوداني أمام واحدة من هذه اللحظات، لحظة امتحان الوفاء، الرمزان الكبيران، الرشيد بدوي عبيد وعبدالرحمن عبدالرسول، وهما من أعمدة الإعلام الرياضي في السودان، يواجهان أعتى التحديات الصحية، بعيدًا عن الأضواء التي لطالما أناروا بها دروب الملاعب.
الرشيد بدوي عبيد، الصوت الفخم والعبارة الخالدة، صاحب “هو والقون”، الذي زيّن أثير الإذاعة لعقود، فقد ساقه الثانية بعد معاناة مريرة مع مرض السكري، لكنه لم يفقد كبرياءه وصبره ورضاه.
أما عبدالرحمن عبدالرسول، الذي عشق الميادين حد الوله، فذلك الذي كان يطوف السودان لجمع الأخبار بصدق وتفانٍ، يرقد الآن في المستشفى، وهو أحد أعمدة الصحافة الرياضية التي لم تتلون ولم تساوم.
فهل من وقفة؟ هل من ضمير حي يسمع هذا النداء؟
هذه ليست مجرد حالات إنسانية، بل قضية وطنية وأخلاقية بامتياز.
إن ما يمر به هذان العملاقان يمثل اختبارًا لقيمنا:
• هل نكرم من خدمنا حين يشتد عليه المرض؟
• هل نبقى أوفياء لمن علمنا عشق الرياضة، وصاغ وعينا الكروي، وأدخلنا دهاليز المباريات بصوته وقلمه؟
• أم أن الذاكرة السودانية تنسى بسرعة من حملوها على أكتافهم سنين طويلة؟
النداء إلى الجهات المعنية:
• إلى الإذاعة السودانية: هؤلاء من رفعوا رايتكم وخاطبوا الناس باسمكم، ألا يستحقون ردّ الجميل ولو مرة؟
• إلى نقابات الإعلاميين والرياضيين: أين أنتم من واجب الرعاية والدعم لمن أسسوا لما أنتم فيه اليوم؟
• إلى وزارة الثقافة والإعلام: أليست رعاية المبدعين وتكريم الرموز من صميم مسؤولياتكم؟
• إلى رئيس الدولة وأعضاء مجلس السيادة: لفتة كريمة منكم كفيلة بأن تُعيد لهذين العملاقين حقًا معنويًا عظيمًا.
• إلى رجال المال والأعمال: هبوا كما عهدناكم، فإن اليد السخية في الشدة تكتب تاريخها من ذهب.
هذه الدعوة لا تنطلق من عاطفة فحسب، بل من إيمان بأن المجتمعات التي لا تُكرم مبدعيها في حياتهم، تفقد جزءًا من أخلاقها.
نعم، لا نطلب المستحيل، فقط نطلب ردّ الجميل، ودعوة لعلاج كريم، وتقدير معنوي، وتكريم يليق بمن صان ذاكرة الرياضة السودانية بأمانة.
إننا لا نريد أن يمر هذا الحدث كما تمر الأخبار العابرة، نريده أن يكون منعطفًا في ثقافة الوفاء داخل الوسط الرياضي والإعلامي. وأن نُبرهن أن الوطن لا يتخلى عن مبدعيه حينما يشتد عليهم المرض وتضعف فيهم الحيلة.
وقبل الختام:
وإننا لنختم هذا النداء بهذا الحديث : “من لا يشكر الناس لا يشكر الله”.
وأهلك العرب قالوا:- “ومن لم يُكرِم أهل الفضل، فليس له فضل”.
فيا كل صاحب ضمير: لا تتركوا الأسود وحدهم…
قفوا إلى جانبهم الآن، فإن الوفاء لا يُؤجل
والله المستعان
