في غياب العدالة والنزاهة.. هل ننتظر انتخابات أم مسرحية جديدة؟
أبو بكر الطيب
مع اقتراب موعد انتخابات الاتحاد السوداني لكرة القدم، تتجه الأنظار نحو ما يُفترض أن يكون محطة تحول نوعي في مسار الكرة السودانية. لكن رغم الزخم والتحركات، ورغم أن بعض الأسماء تغادر وأخرى تتهيأ للصعود، يظل السؤال الأهم والأخطر معلقًا في الهواء: هل نحن مقبلون على انتخابات حقيقية، أم على إعادة إنتاج للفشل بمشهد جديد ووجوه جديدة؟
للأسف، ما نراه حتى الآن لا يبشّر بخير. فالمكونات الأساسية لأي عملية انتخابية نزيهة لا تزال مفقودة — وأبرزها: لجنة النزاهة ومحكمة العدل الرياضية المستقلة.
لجنة النزاهة: البوابة الغائبة
في كل اتحاد محترم بالعالم، تُعد لجنة الأخلاقيات أو النزاهة خط الدفاع الأول لضمان مشروعية المترشحين ونزاهة السباق الانتخابي. دورها لا يقتصر على التحقق من السجلات والسلوك، بل يمتد إلى فحص تضارب المصالح، والتدقيق في الكفاءة، والتأكد من أن من يترشح لا يجرّ معه إرثًا من الفساد أو المحسوبية أو ضعف الخبرة.
غياب هذه اللجنة في السودان يعني أن الباب مفتوح لأي شخص — بغض النظر عن تاريخه أو نواياه — أن يتقدّم ويُسوّق نفسه كما يشاء، دون أي تمحيص.
محكمة العدل الرياضية: صوت غائب في زمن الطعون
بالمقابل، تأتي محكمة العدل الرياضية المستقلة كعنصر لا يقل أهمية. فهي الجهة الوحيدة القادرة على فضّ النزاعات الانتخابية بشفافية، وإنصاف المتظلمين، وضمان أن تبقى اللعبة نظيفة، حتى خارج حدود الملعب.
غيابها يُبقي الخصومات رهينة الصفقات والكواليس، ويقوّض أي أمل في تحكيم القانون بعيدًا عن الهوى والميل الشخصي.
النتيجة المتوقعة؟ “تغيير ديكوري” لا أكثر
ما نخشى حدوثه — وهو ما يتكرر منذ سنوات — أن تأتي الانتخابات على ذات النسق القديم: شخصيات جديدة، وعود جديدة، لكن بأدوات فاسدة وبيئة مشوهة.
انتخابات تُدار بلا رقابة حقيقية، تُحسم فيها النتائج في الظلام، وتُفرز مجالس إدارات مشلولة أخلاقيًا، متضاربة المصالح، ومجرّدة من الثقة الجماهيرية.
دعوة للمجتمع الرياضي: لنصنع الضمانات قبل أن نُمنّى بالنتائج
إننا اليوم لا نطالب بتأجيل الانتخابات، ولا بتصفية الحسابات، بل فقط بتطبيق الحد الأدنى من معايير الشفافية والحوكمة:
تفعيل لجنة النزاهة فورًا.
تأسيس محكمة عدل رياضية مستقلة ومحايدة.
إشراك المجتمع الرياضي في مراقبة العملية الانتخابية ومساءلتها.
لا معنى لفوز أي طرف، إذا كانت العملية برمتها موضع شك.
ولا قيمة لأي تغيير إن لم يكن مبنيًا على قواعد نزيهة وعدالة واضحة.
وأهلك العرب قالوا: “العدل أساس الملك”
فكيف نقيم مملكة لكرة القدم بلا عدالة ولا رقابة ولا طهارة إجرائية؟
وأي إصلاح يُرجى ممن لم يمرّ من بوابة النزاهة ولا احتُكم إلى قوس العدل؟
والله المستعان.
