“هجم النمر… محمود الكذاب بنسختين!”

أبوبكر الطيب
تُعيدنا القصة الشعبية الشهيرة “محمود الكذاب” إلى الحكمة التي تقول إن من يفقد المصداقية، لا يُصدّق حتى وإن صدق. هذه الحكاية التي يُروى فيها عن راعٍ اعتاد الكذب على أهل القرية مدعيًا هجوم النمر، حتى إذا جاءه النمر حقًا، لم يصدقه أحد… نراها اليوم تنبعث في المشهد الرياضي السوداني، لا بشكل رمزي، بل حرفي، حيث تجسّد كل من لجنة المسابقات بالاتحاد العام، ومجلسي إدارة نادي المريخ دور “محمود الكذاب” ببراعة لا تُحسد!
لجنة المسابقات: كذب مُنظَّم بتوقيع رسمي
للمرة الألف – نعم، بلا مبالغة – تفشل لجنة المسابقات في تحديد زمان ومكان دوري النخبة. هذا الفشل ما عاد مجرد خلل إداري، بل تحوَّل إلى استهتار متكرر بعقول الأندية والجماهير. لجنة تعلن قرارات مصيرية، ثم تعود وتقول “ما زلنا ندرس الخيارات”. أي دراسة هذه التي تأتي بعد إعلان القرارات؟ وأين كانت هذه “الخيارات” عندما أطلقتم الوعود؟
هل نُسجت الخطة في “سهرة قمرية”؟ أم وُلدت من رحم جلسة سمر على “شط البحر”؟ أم أنها إملاءات من “اللامرئي” في دهاليز الاتحاد؟
الحقيقة أن هذه اللجنة لم تعد تُجسد إلا حالة عجز مريع، يُلبس الفشل ثوب الوقار الإداري، ويُوزع المواعيد كما يُوزع “المحمود” أكاذيبه… بانتظام.
مجلس المريخ: عندما يصير الضحية نسخة من الجاني!
وإن كان “محمود الكذاب” الأول في الاتحاد، فإن “النسخة الثانية” لا تقل براعة… مجلس إدارة نادي المريخ، الذي وجد في تأجيل الاجتماعات وإصدار البيانات الفارغة هواية محببة.
اجتماعات مصيرية تُعلن ولا تُعقد، وإن عُقدت، لا تسفر عن شيء يُذكر، سوى تسويف جديد، وشمّاعة جديدة لتعليق الفشل.
المجلس لم يتأخر في استغلال فشل لجنة المسابقات، لتقديم أنفسهم كضحايا، بينما هو في الحقيقة جزء أصيل من ماكينة الكذب والتأجيل.
في الاجتماع الأخير، بدل أن يطرح المجلس حلًا أو رؤية، اختار أسهل الطرق: صبّ جام الغضب على لجنة المسابقات. هكذا ببساطة، وكأن الجمهور لا يملك ذاكرة، ولا يُدرك من يبيع الوهم باسم الإنقاذ!
محمود… ومحمود: من يوقف هذا العبث؟
المشهد الآن أشبه بمسرحية عبثية، أبطالها “محمودان كذّابان”، أحدهما يُدير اللعبة بلا جدول زمني، والآخر يُدير ناديًا بلا خطة مستقبلية.
جماهير الكرة السودانية، وخاصة جماهير المريخ، باتت تُطعن مرتين: مرة من لجنة مسابقات مرتبكة، ومرة من مجلس يُجيد فن الهروب من المسؤولية.
الكل ينتظر من سيُصدّق أولًا… لكن لا أحد يجرؤ على تصديق أحد! فمتى تنتهي حفلة “هجم النمر”؟ ومتى يدرك من بيدهم القرار أن الصدق ليس خيارًا، بل ضرورة للبقاء؟
وأهلك العرب قالوا:
“من كذب كذبة، اضطر أن يخترع عشرين غيرها ليغطيها… حتى يضيع بين أكاذيبه!”
فيا تُرى… هل سيظل “المحمودان” يختلقان الأكاذيب حتى يأكلهما “نمر الحقيقة”؟ أم أن أحدهما سيجرؤ على قول الصدق… مرة واحدة فقط؟
والله المستعان
