وسط الرياح

قائمة التطوير… بلا برنامج وبلا تطوير.. هل يُهان العلم على أعتاب الكومبارسية؟

عدد الزيارات: 21٬003

474

أبو بكر الطيب

تستعد الساحة الرياضية السودانية لاستحقاق انتخابي جديد مطلع يوليو، حيث تبرز للواجهة ما يُسمى مجازًا بـ”مجموعة التطوير”، وهي إحدى القوائم المتقدمة لشغل مناصب مجلس إدارة الاتحاد السوداني لكرة القدم.
وبعيدًا عن التفاصيل الشخصية، لا بد من التوقف طويلًا عند هذا المسمى الباذخ: “التطوير”.
لكن، وأيّ تطوير هذا؟!

إننا أمام حالة استهلاك لفظي لمصطلحٍ نبيل دون تقديم أي محتوى حقيقي يبرره.
شعار “التطوير” صار في هذا السياق لافتة بلا مضمون، وأيقونة زائفة تفتقر إلى البرنامج والرؤية والخطة.

فأين هو البرنامج؟ أين الأهداف المرحلية؟ ما هي آليات الإصلاح؟ وما طبيعة العلاقة بين هذا الاسم الكبير وبين واقع المترشحين وأدوارهم؟

“التطوير” بلا مضمون… خداعٌ لفظي واستخفاف بالعقول

من العبث والاستخفاف بالعقول أن تُطرح قائمة بهذا الاسم الجاذب دون أن تطرح معه أي وثيقة إصلاحية أو برنامج تطويري واضح.
مجرد التلويح بشعار براق دون محتوى عملي يجعلنا نتساءل بجدية:
هل التسمية أداة تجميل لواقع تقليدي؟
أم أن الفراغ في الرؤية والبرنامج يُغلف بقشرة زائفة من التسويق الإعلامي؟

إننا لا نطلب المستحيل؛ فقط خريطة طريق، ولو أولية، تعكس جدية الاسم وخطورته.

“بازار انتخابي… بقامات علمية في الهامش!”

لننظر في التركيبة البشرية للقائمة، حيث نلحظ أسماء أكاديمية وازنة على رأسها:
• البروفيسور حسن علي عيسى
• البروفيسور علي محمد عبد الله

وهذان العالمان – كما يُقال – لا يحظيان بأي دور تنفيذي أو قيادي داخل القائمة، بل يظهران كأعضاء عاديين فقط!
في المقابل، يتصدر القائمة رئيس بدرجة “صيدلي”، ونائب أول يحمل “دكتوراه فخرية” لا تُكسب بالتحصيل العلمي وإنما تُمنح مجاملة أو تكريمًا!

فما الذي يدفع قامات علمية بهذا الحجم للقبول بهذا الدور الثانوي الهامشي؟
أهو الإيمان بالمشاركة؟ أم الرضوخ لإرادة “الكوادر المسيطرة” التي تحترف تدوير نفسها بأسماء مختلفة؟

الحقيقة المؤسفة أن هذين البروفين لا يملكان أي تأثير واضح داخل الكتلة المرشحة، ولا يُعتمدان كمحاورين أو صناع قرار، بل يظهران في القائمة كـ”واجهة علمية” فقط، لتجميل المشهد ومنح القائمة قدرًا زائفًا من المصداقية العلمية.

“التطوير الحقيقي لا يبدأ بالكومبارس!”

الأدهى من ذلك، أن القائمة – رغم الاسم اللافت – لا تختلف كثيرًا عن سابقتها، سوى بخروج بعض الأسماء ودخول “كومبارس جديد” بنفس العقلية والنهج، وربما بمواصفات “بصمجي” أكثر دقة، حيث تم اختيارهم بعناية فائقة لضمان الولاء والتناغم مع عقلية “الموافقة دون نقاش”.

إنها إعادة إنتاج لنفس النهج القديم، لكن بأسماء مستعارة، وعنوان مطلي بماء الذهب: “التطوير”.

“دعوة للتنحي: صونًا للكرامة العلمية والاجتماعية”

لكل من يملك درجة علمية مرموقة ويجد نفسه في خانة التجميل، لا المشاركة الحقيقية:
انسحب.
إنّ صمتكم هو شهادة زور على مشروع أجوف.
إنّ مشاركتكم في هذا المشهد المقلوب تُكرّس لثقافة تهميش الفكر، وإقصاء الكفاءة، وتضليل الجماهير.

فمكانة البروفيسور ليست في البوسترات ولا في المجاملة، بل في صدارة الفكر، وفي قيادة الإصلاح.
وإذا لم يكن لكم برنامج، ولا مكان مؤثر في القرار، فانسحابكم أنبل من البقاء في خانة الزينة السياسية.

“الرسالة الأهم: نحن لا نُعارض الأشخاص، بل نُعارض المسارات الفارغة”

لسنا ضد أسماء بعينها، ولا نُشكك في نوايا أحد، ولكننا ضد السطحية التي تسوّق الشعارات بلا مضمون، وتستثمر الكفاءات في غير موضعها، وتمنح الأصوات لمن لا يملكون رؤية سوى تكرار الفشل بلغة “التطوير”.

وأهلك العرب قالوا:

“لكل مقامٍ مقال، ولكل داءٍ دواء…
أما دواء الجهل فهو العلم، ودواء العجز هو العمل، ودواء الفشل هو التغيير.”
وقالوا أيضًا: “من وضع نفسه في غير موضعها، فلا يلومنّ إلا نفسه.”

فيا من تحملون شعار “التطوير”… قدموا برنامجًا أولًا، ثم تحدّثوا عن التطوير.
ويا من تحملون العلم، لا تضعوه في مواضع الابتذال، فإن العلم لا يُهان إلا بصمت أهله.

والله المستعان

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..