أبو عاقلة أماسا
* قبل ما يقارب الثلاثة عقود من الآن، كان الأخ نادر مالك رئيسًا لبعثة المريخ المشاركة في إحدى البطولات المقامة بالمملكة العربية السعودية، عندما تلقت البعثة دعوة عشاء في قصر الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز المعروف بإحترامه الكبير للسودانيين، وعندما سنحت له فرصة ليحقق مكسبًا للكرة السودانية، قدم طلبًا لبناء مقر الاتحاد السوداني الحالي لكرة القدم، وقد أشرف مناديب الأمير الراحل فيصل بن فهد على بناء هذا الصرح بالخرطوم 2، ليكون من أفخم المنشآت الرياضية حتى الآن، وعربون صداقة ومحبة بين الشعبين والرياضيين على جانبي البحر الأحمر.
* وإن كانت تلك المقابلة قد كشفت الفرق، بين العقليات التي تدير الأندية وتلك التي تتصدى للعمل بالاتحادات، فلابد لنا أن نجتر منها بعض الآلام لنذكر الناس بالمعارك التأريخية، التي دارت رحاها بنادي المريخ، نتيجة المكرمة الأميرية الشخصية لكل أفراد بعثة المريخ، في ذات اللقاء الذي كان سببًا في بناء صرح اتحاد الكرة، وكيف تحول الأمر لعراك بين عصام الحاج والراحل فيصل محمد عبدالله والفريق فاروق حسن محمد نور وعدد من أعضاء البعثة، لدرجة أن بعض الرذاذ قد أصاب المملكة والأمير نفسه، وهو ما أثر في أسلوب تعامل الخليجيين مع الرياضيين السودانيين فيما بعد، مع أن قيادة تلك البعثة كان أمامها أن تقدم مشروع بناء النادي أو الإستاد والمركز التجاري، لتنقل النادي عبر كبسولة زمنية إلى أفضل مما نحن عليه اليوم!
* د. معتصم جعفر رئيس الاتحاد السوداني الحالي وبخبراته الطويلة، استطاع أن يختصر كل ذلك في جلسة واحدة جمعته مع نظيره رئيس الاتحاد السعودي، وقبل أن ينفث البعض سمومهم عندما قرأوا خبر التكفل السعودي بصيانة مقر الاتحاد، جاء الخبر المكمل بأن الطرفين قد توصلا لاتفاق تاريخي لتكملة نواقص المدينة الرياضية، وصولًا لمطابقتها مع مطلوبات “الكاف” و”الفيفا”، لتكون للمملكة العربية السعودية اليد الطولى مرة أخرى وتنهي معاناة الكرة السودانية بأنديتها ومنتخباتها، بسبب تراجع مرافقها واستاداتها وسيطرة العقليات الصراعية عليها!
* نحيي الاخ د. معتصم جعفر على هذه الخطوة الجبارة، التي تؤكد الفرق بين العقليات التي تحمل هم الوطن وتسعى لخدمته، بعد أن تذوقنا الأمرين ووصلنا الحد من الإحراج والإهانة والتخبط من اللجوء إلى ملاعب أخرى خارج البلاد، وقد كانت ولا تظل فضيحة لكل رياضي سوداني، إذ لا يعقل أن يخلو السودان بكل تاريخه، من ملاعب مؤهلة لإستقبال مبارياته الكبيرة للاندية والمنتخبات، وهو الدولة المؤسسة للاتحاد الإفريقي والرافدة لدول الخليج بالكوادر التي أسست للنهضة الرياضية!
* معاناة الكرة السودانية في كل مستوياتها، بسبب إداراتها قصيرة النظر ومحدودة الأفق، فكم منهم أتيحت له فرصة الجلوس مع أثرياء ومسؤولين، في دول تتمنى أن تُطلب منها خدمة للشعب السوداني، كرد للجميل أو كتعبير للمحبة التي يكنونها للسودان، كقطر يحترمه الآخرون ولا يهينه ويسيء إليه إلا أبناءه!
حواشي
* شكرًا للمملكة العربية السعودية وهي تضمد جراحات الرياضة السودانية، وتساعد بلادنا في الانتقال من مرحلة إلى أخرى!
* أتيحت من قبل أكثر من فرصة، لإداريين كبار في الأندية والاتحادات لو إستغلوها لمصلحة الوطن، لكان لدينا الآن أكثر من ثلاث استادات جاهزة لاستقبال مباريات على أرفع مستوى منتخبات وأندية!
* من المؤكد أن د. معتصم جعفر قد حقق مكاسبًا لكل الرياضيين السودانيين، وأفلح في وضع حد لمعاناة كل الأندية والمنتخبات التي تمثل الوطن، ولم يسع لتحقيق مكسب شخصي مادي أو معنوي لنفسه!
* نعود لاستاد المريخ ذلك الجرح المفتوح والمتقيح، ونذكر أن فريقه يعاني الآن بسبب اللعب خارج البلاد، وأنه أُجبِر على إلغاء إعتبارات الأرض والجمهور، ليقاتل وحيدًا في أدغال القارة السمراء!
* معاناة المريخ وتأكيدًا لما ذكرت سلفًا دليل على الفشل الإداري، فشل السابقين والحاليين على حدٍ سواء، ابتداءً من سوداكال الذي ما زال يلحق الأذى بالشعب المريخي، مرورًا بمجلس حازم الذي سمح للجاكومي بإهدار عام كامل في أشياء قطعها من رأسه، لم ينجح فيها ولم يسمح لغيره بتصحيحها، نهاية بأيمن أبو جيبين الذي عمت في عهده الجعجة وقل الطحن!
* سينتهي الدعم السريع من أرضية ملعب المريخ وتبدأ اعمال الإجلاس، وتتحرك القروبات الفاعلة مرة أخرى وكذا الجهات الأخرى المهمومة، ولكن في نهاية المشوار سنكتشف إننا لم نتوصل لمتطلبات ومواصفات الكاف!
* حاولت تنبيه الناس بأن ملعب بنينا الذي نلجأ إليه، خير دليل على أن الموضوع أسهل مما نراه فهو ملعب مهم ومختصر، وأقل بكثير من حيث السعة والعراقة والفخامة من استادي المريخ والهلال، لكن الفرق هنا أن من أنشأه ركز على مطلوبات “الكاف” وتمم عليها بصرامة، ولم يُهدر وقته في أشياء لا تخدم القضية الأساسية!