وسط الرياح

عناد الواقع وقانون النهايات

عدد الزيارات: 21٬005

عناد الواقع وقانون النهايات

عناد الواقع وقانون النهايات

أبو بكر الطيب

لا مهرب من الخاتمة العادلة، في كل زمان، حين تتكرر الأحداث، وتتناسخ الوقائع، ويتواصل العناد، يُصبح من العبث الحديث عن “الصدف”.

ما نراه اليوم لا يحمل جديدًا سوى وجوهٍ تظن نفسها قادرة على خداع الزمن.

إنه نفس المشهد المُبتذل، يُعاد عرضه بنسخة أردأ، وإخراج أكثر استخفافًا، وسيناريو مفضوح… لكن أبطاله ما زالوا يصرّون على إعادة تقديمه بلا خجل، بسلوك أفقر، وعقلٍ لا يعتبر.

نعم، لقد كتبنا قبل أعوام، وها نحن نعيدها اليوم بنفس اليقين:

النهاية ليست رغبةً ننتظرها، بل قانونٌ نُخضع له كل عبثٍ تمادى.

وكل تأخير لا يعني السقوط، بل يعلن أن الكيل بلغ منتهاه، وأن الصبر – مهما طال – ليس بابًا مفتوحًا بلا ضوابط.

▪ كل محاولة للتذاكي… هي خطوة نحو الهاوية، التاريخ لا يرحم المراوغين، الحلول الشكلية لا تحل الأزمات، القانون هو سيد المرحلة

وكل من يحاول “ترقيع” الانهيار عبر تسويات خارج القانون، أو يستند إلى “حسن نية متساهلة”، أو يراهن على ضباب اللحظة… إنما يدفع باتجاه حفرة أعمق وأخطر.

لقد علمتنا التجارب – في ميادين الرياضة، والإدارة، والمجتمع – أن التسويات الهشّة لا تُطفئ نار الأزمات، بل تُخدّرها مؤقتًا، لتعود أكثر اشتعالًا.

وكل من يظن أنه اجتاز اللحظة الحرجة بالخداع أو بالتغافل، فهو لا يعلم أن التاريخ يُسجّل… ويُمهل… ثم يُدين بأشد العبارات.

▪ من يضيف الرقم السالب لنفسه… فليتحمّل نتيجة المعادلة، السلوك السيئ يُخصم من الرصيد، القانون لا يرحم

لقد قلناها مرارًا، ونقولها الآن بصوتٍ أوضح:

كل سلوك سيء، كل خرق للقانون، كل التفاف على اللوائح… هو رقم سالب يُخصم من الرصيد.

والمعادلة لا تجامل أحدًا:

(5 + -3 = 2)

وكل خصم من القيمة، هو اقتراب من الإفلاس الأخلاقي والقانوني.

من ظن أن القانون يُروَّض، أو يُدارى، أو يُطوَّع حسب المصالح، فقد أساء التقدير.

واختار لنفسه نهايةً لا تشبه سوى أفعاله.

▪ هذه المرة… لا تأجيل ولا ترقيع، لا تساهل مع الفساد، لا مساومة على القانون، إما القانون أو السقوط

لن نسمح بإعادة تدوير الأزمة

ولن نقبل أن تُدار شؤون المصلحة العامة بعقلية “نُمسك العصا من المنتصف”، أو بقاعدة “يمهل ولا يهمل… حتى تتعفن القضية”.

لقد سئمنا “الحلول الشكلية”، و”المسكنات الخطابية”، و”صفقات الترضية”.

فلا مكان بعد اليوم لأي تقاطعٍ مع الفساد، ولا لأي تساهل مع من اختاروا مواجهة القانون بصلفٍ غبي.
القانون وحده هو سيد المرحلة.

وكل من يتجاوزه، أو يتحايل عليه، أو يتعامل معه وكأنه خيار إضافي، سيقع في شرّ فعله، مهما طال الزمن.

▪ من تراث العرب… الحكمة لا تسقط بالتقادم

وأهلك العرب قالوا:
“إن المريض الذي يُخفي ألمه، لا ينجو من الداء… بل يهلك في صمته.”
“وآخر الدواء الكي، وللضرورة أحكام لا تؤجل.”
“وإن أبطأت العدالة، فإنها حين تأتي لا تطرق الباب… بل تقتحمه.”

▪ قبل الختام: لا صمت بعد اليوم، القانون هو آخر السطر، العبث لن يمر دون حساب

لقد طالت الرحلة، وتشعّبت المسارات، واختلطت الأصوات.
لكن النهاية تلوح، والموقف لا يحتمل صمتًا آخر.
لن نكون شهود زور، ولا طرفًا في صفقة بائسة.
إما أن يُحترم القانون… أو فليتحمّل العابثون مسؤولية سقوطهم الأخير.
الحق لا يُسترضى… بل يُنتزع.
والنهايات الحاسمة لا يكتبها المرجفون، بل من آمنوا أن القانون هو آخر السطر.

فهل وصلت الرسالة الآن؟
وإن لم تصل… فالتاريخ كفيل بإعادتها،
لكن بثمنٍ أغلى… وأكثر مرارة.

والله المستعان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..