رجع الحُمر.. وعاد الحُلم

أبو بكر الطيب
ليس غريبًا على المريخ أن ينتصر، فالتاريخ يشهد أن الأحمر الوهاج خُلِق ليكون في القمة، ولكن ما رأيناه اليوم يتجاوز ثلاث نقاط، ويتعدى حدود الملعب، ليصل إلى أعماق القلوب التي كانت تنبض شوقًا لرؤية المارد كما كان: عزيزًا، مهابًا، لا يُقهر.
لقد نهض الكيان، وبدأ يُعلن عودته على استحياء، لكن الصّفوة لم تنتظر كثيرًا لتفهم الرسالة.
الصّفوة تفتح صفحاتها… والمبادرات تنبض بالحياة
يا لهذا الوفاء العظيم!
ما إن لمح جمهور المريخ بارقة الأمل، حتى فتحت الصّفوة دفاترها الحمراء، وصفحاتها البيضاء، لتكتب من جديد ملحمة العشق لهذا الكيان. ها هي المبادرات تتدفق في مجموعات القروبات، وتسري في جسد المريخ كدم جديد، يُهدى بكل غالٍ ونفيس، ويُقدَّم حبًا لا يُراد منه جزاء ولا شكورًا.
إنها الصّفوة، حين تصدق، تعطي بلا حدود، وتبذل بلا مقابل، وتنتصر للمريخ قبل أن ينتصر لنفسه.
من النصر إلى النهج: مسؤولية لا مجال للتراجع عنها
إن الانتصار الأخير لم يكن نهاية المطاف، ولكنه بدايته. والانتصار الحقيقي ليس الفوز في مباريات النخبة فقط، ولكن أن نؤسس للمريخ مسارًا لا يعرف فيه سوى طريق واحد: إلى الأمام.
أمام المريخ اليوم مهمة مزدوجة:
أن يحافظ على نسق الانتصارات في الدوري الممتاز، باعتبارها أقل حقوقه الطبيعية.
وأن يخطط بجدية للمحفل القاري والعربي الذي تنتظره فيه الوحوش، لا الفرق.
فهل نحن مستعدون لملاقاة إفريقيا والعرب بقلب لا يعرف الخوف، وبعقل لا يعرف العشوائية، وبفريق لا يعرف التراجع؟
كل من يرتدي شعار المريخ اليوم، عليه أن يعلم أن الأعين لم تعد تكتفي بالفرجة، ولكنها تراقب وتقيم وتنتظر.
إن الصّفوة – وهي تمضي في مبادراتها ومساهماتها – تريد أن تطمئن أن من يدافع عن الشعار، هو شخص يستحقه.
الانتصارات لا تُصنع في التمارين فقط، ولكن بالانضباط، وفي الصدق. ولا مكان للمجاملات بعد اليوم، ولا حياد في قضايا الشرف الرياضي.
وما بعد اليوم إلا الجد
لن يُغتفر التفريط مجددًا، ولن تُقبل الأعذار. الصّفوة أعادت الثقة، والميدان أمامكم مفتوح لتعيدوا كتابة التاريخ.. لا بمدادٍ من حبر، بل بعرق ودم وجهد وصدق.
فالمريخ، كما نقول دومًا، لا يُهزم إلا إن خانه أولاده.
وأهلك العرب قالوا:
“لا تحسب المجد تمرًا أنت آكله
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصَّبِرَا”
والله المستعان.
