أوجاع الصّفوة.. من يُحاسب من؟!

أبوبكر الطيب
كانت ليلة حالكة السواد في تاريخ نادي المريخ، لا تُشبه إلا ليالٍ سابقة من الألم، لكنها الليلة كانت أكثر قسوة، أكثر انكشافًا، وأكثر جُرأة على الكيان وعلى الصّفوة.
سقط المريخ… سقط وسقط.
لا، لقد أُسقِط عمدًا، أُسلم للذبح طواعية، بلا مقاومة، بلا خطة، بلا روح.
سقط المريخ أمام أنظار من باعوا الأمل واستبدلوه بالركام، من ظنوا أن المريخ يمكنه أن ينجو بلا هوية، بلا كرامة، بلا لاعبين حقيقيين.
الصّفوة حزينة، محطمة، مذهولة… لكنها ليست غبية.
تعلم من يتحمل المسؤولية، وتعرف من يجب أن يُسأل، ولن تُخدعها استقالة عزاء من عضوٍ واحد، ولا من يريدون أن يعتذروا فتقبل منهم الاعتذارات.
إن ما حدث في الدامر كان تتويجًا لموسم من الفوضى، والجهل، والفساد، والسطحية.
هل يُعقل أن يدخل المريخ مباراة نهائية بلا أسلحة؟ بلا استراتيجية؟ بلا شخصية؟
إن الجهاز الفني كان غائبًا عن أداء دوره، وكان شاهدًا على المجزرة، مكتوف الأيدي، كأن شيئًا لا يعنيه.
لم نرَ تبديلات تصنع الفارق، ولا تحركات تعيد التوازن، بل رأينا فراغًا مطبقًا، وقرارات هشة، ووجوهًا على الخط لا تُلهم سوى الإحباط.
إذا كان الجهاز الفني لا يملك الأدوات، فلماذا قبل المهمة؟
لقد تم تسليم دفة المريخ لمن لا يُجيد حتى قراءة خصمه، لمن يرى النيران تشتعل ولا يُطفئها، ولمن أضاع هيبة الكيان بيده وابتسم للكارثة.
مجلس الإدارة… أنتم أصل الداء والمصيبة والكارثة.
أنتم أصل الجرح… والجدار الذي تهدّم من قاعدته.
مجلس الإدارة الذي أثبت بما لا يدع مجالًا للشك أنه لا يصلح حتى لإدارة فريق حواري!
أنتم المسؤولون أولًا وثانيًا وأخيرًا.
أنتم من خلق هذا الموسم الملعون.
أنتم من فرّط، وتواطأ، وخذل.
ما الذي فعلتموه بالمريخ؟
أين تخطيطكم؟ أين عملكم؟ أين رؤيتكم؟
ماذا قدمتم غير البيانات الباهتة، والاجتماعات التي لا تثمر، والمشاريع الوهمية، والتسجيلات الفاشلة، والقرارات الخاطئة؟
لقد ذبحتم المريخ ببطء، وببرود، وبضمير غائب.
وفرّطتم في الكفاءات، مزقتم أوصال الفريق، اختزلتم النادي في مصالح ضيقة وصراعات تافهة.
كنتم ولا زلتم عبئًا على المريخ، عبئًا لا يُطاق، وخطرًا على مستقبله.
أليس منكم رجل رشيد يرى حجم الانهيار؟
أليس فيكم من يستقيل غير شخص واحد احترامًا لنفسه؟
أم أن كراسي المجد الزائف أعمتكم عن رؤية الخراب؟
ما حدث في الدامر جريمة…
جريمة بحجم التاريخ، وبثقل الشعارات، وبقداسة المدرج الأحمر.
وأنتم المسؤول الأول، ولن تنفعكم التبريرات، ولن تُعفيكم بيانات السطحية من الحساب الجماهيري والتاريخي.
جمهور المريخ… هو البطل الحقيقي
سامح وغفر وقرر وانتظر على أمل.
ولكني: وا ضيعة رجاي، خلتني مكسور الجناح، وسقيتني بعد الحلوة مر.
أيها الصّفوة، يا أنبل من أن تنكسر…
أنتم وحدكم الذين صمدتم، دافعتم، هتفتم، تحملتم، وخُذلتم!
أنتم الذين تم بيعكم في كل موسم، ومع ذلك بقيتم لأنكم لا تعرفون الخيانة.
وحدكم من يستحق الاعتذار، وحدكم من يستحق التقدير، وحدكم من يحق له أن يغضب ويصرخ ويطالب برحيل الجميع.
ارفعوا أصواتكم… لا تصمتوا.
المريخ لا يحتاج مَن يواسيه، ولكنه يحتاج لمن يُنقذه.
ولا بُد لهذا الليل أن ينقشع، ولن تشرق شمس المريخ إلا بعد تطهيره من كل من أتى في غفلة من الزمن وعمل على انحناء قامته، وأسقط هيبته.
وأهلك العرب قالوا:
“أشدُّ البلاء أن يُسلَّم المجد لأهل الفشل، وأن يُقاد الكبرياء بمن لا يعرف معناه!”
والله المستعان.
