وسط الرياح

اللاءات الرياضية الثلاث!!

عدد الزيارات: 21٬003

أبو بكر الطيب

اللاءات الرياضية الثلاث!!

أبو بكر الطيب

بين صمود ود نوباوي، وصرخة أطفال الجزيرة، وانكشاف وجه الاتحاد الحقيقي
في أزمنة الهشاشة الأخلاقية، حين تتحوّل الرياضة إلى مرتع للصفقات المشبوهة، وتُدار مؤسساتها بروح المجاملات والترضيات، لا يعود الصمت موقفًا محايدًا، ولكنه يصبح تواطؤًا صريحًا في جريمة مكتملة الأدلة والبراهين.

وما يجري الآن في ساحة كرة القدم السودانية فضيحة أخلاقية وقانونية، وأزمة تنظيمية، وتجلٍّ صارخ لفشل ممنهج، وعبث بالعدالة، واغتيال متعمّد لأحلام الموهوبين، من الكبار وحتى البراعم.

ود نوباوي.. الصخرة التي تحطّمت عليها محاولات التسوية
نادي ود نوباوي ليس نادٍ يبحث عن البقاء في الممتاز أو استرداد حق ضائع، وإنما غدا أيقونة مقاومة شريفة في وجه اتحاد اعتاد التلاعب بالقوانين وتطويع اللوائح لمصلحته.
لا للترضيات، لا للمساومات، لا لصكوك الغفران التي تُمنح تحت الطاولة.
هذه هي لاءات ود نوباوي الثلاث، التي باتت تلخّص معركة الكرامة والحق والأمل المرتجى.
المعركة القانونية أمام محكمة التحكيم الرياضية (كاس) تمثّل لحظة فارقة في تاريخ الاتحاد السوداني لكرة القدم.
فإما أن تُبعث من أنقاض هذا الكيان روحُ العدالة والمحاسبة، أو يُمنح الطغيانُ ريحًا أخرى ليواصل الفساد دون رقيب.
وما كشفته التحليلات الصحفية يوضح أن الاتحاد يُراوغ ويُناور سعيًا لحلول “وسطية”، لا لوجه العدالة، ولكن لشراء الوقت وتفادي الانفجار القانوني.
لكن ود نوباوي، بصموده وتماسكه، يدفع المعركة نحو الحقيقة الكاملة، لا أنصافها.
وهنا يكمن الفرق بين من يشتري النجاة على حساب المبادئ، ومن يختار الطريق الصعب لأنه الطريق الوحيد نحو العدالة.

جريمة ضد الطفولة.. حين يذبح الفسادُ أحلام الصغار
ما أضاءه مقال فتح الرحمن البدوي هو فضيحة رياضية، ونداء استغاثة أخلاقي من قلب مأساة نُفذت بدم بارد ضد أطفال لا ذنب لهم سوى أنهم تفوّقوا.
أبطال مدرسة محمد عبدالله موسى، الذين رفعوا اسم السودان عاليًا في بطولة جيم، حُرموا من تمثيل وطنهم في البطولة الأفريقية المدرسية، واستُبدلوا بآخرين لا علاقة لهم بالمنافسة.
السبب؟ “الواسطة والمحسوبية”، وتدخّل من وُصف بـ”رأس الهرم”، نائب رئيس الاتحاد السوداني أسامة عطا المنان.
إنها فضيحة إدارية، وطعنة في ظهر العدالة والإنصاف وحقوق الطفولة.
كيف نطالب بتقدّم الرياضة ونحن نسحق أنقى ما فيها تحت أقدام النفوذ والمجاملات؟
أي مستقبل نرجوه لرياضة تُقصي من يستحق وتُكافئ من يقترب من أهل السلطة؟
وأي قيمة تبقى للوطنية، إن لم تكن الموهبة والعرق والمثابرة هي المعايير الحاكمة؟

اتحاد بلا ضمير.. ونظام بلا صلاحية
الاتحاد السوداني لكرة القدم يقف اليوم على شفا هاوية.
محاصر بالقضايا، ملوّث بالفضائح، غارق في التخبط، فاقد للبوصلة.
لجنة المسابقات تعجز عن حسم قضية المريخ بعد انسحابه من نهائي الكأس.
المنتخبات الوطنية تُختار بعيدًا عن الشفافية.
والقرارات تُطبخ في كواليس النفوذ لا في قاعات المسؤولية.
الفساد لم يعد شبهة وأصبح يقينًا معلنًا، والمشكلة لم تعد في الأشخاص، ولكنها في منظومة تمتلئ بالشروخ والتصدعات.
إن لم يُقطع رأس الحية والفساد، فلن تُجدي مداواة الأطراف.

إذًا… إلى أين؟
المشهد الرياضي السوداني يعيش لحظة تاريخية، لا يصلح فيها الحياد ولا أنصاف المواقف.
من جهة:
أندية مثل ود نوباوي، وأصوات نزيهة، تطالب بثورة قانونية وأخلاقية، وتسعى لتحرير الرياضة من قبضة الفساد والمحسوبية.
ومن جهة أخرى:
اتحاد مترهّل، وقيادات تُراكم الكوارث، وأطفال تُدهس أحلامهم لأنهم لا ينتمون إلى الدائرة المقرّبة من المتنفذين.
السؤال:
هل ستعلو كلمة القانون على صوت الترضيات؟
هل ستنتصر العدالة ولو لمرة في تاريخ رياضتنا الحديثة؟
هل آن أوان التغيير الحقيقي لا التجميلي؟

وقبل الختام:
نريد ثورة في الملاعب، وفي القيم، وثورة في احترام العدالة والشفافية.
من لا يملك الشجاعة ليقول “لا” للباطل، فلن يكون أهلاً لقول “نعم” للحق.
ومن رضي بالصمت اليوم، فليتحمّل لعنة التاريخ غدًا.
وإن كنا نؤمن بشيء، فهو أن:
“لا للمساومات.. لا للترضيات.. لا للتنازلات”
فهذا الوطن يجب أن يُحترم وأن يُقدّس، وأن تُبنى قلاعه الرياضية على النزاهة والحق، وتُدار بالعقول لا بالشِّلليات.

وأهلك العرب قالوا: “إذا لم يكن من الموت بدٌّ، فمن العجز أن تموت جبانًا.”

ومشيناها خطًا ومن كُتبَت عليه خطًا مشاها
والله المستعان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..