فجر العهد الجديد

فجر العهد الجديد
أبو بكر الطيب
من بين رماد التخبط، وتحت أنقاض الفشل المزمن، ينهض صوتٌ جديد، ليس كغيره من الأصوات. صوتٌ لا يحمل رجاءً ولا يرجو تسوية. إنه صوت “العهد الجديد”… صوتٌ يطرق الأبواب بشدة، ويُعلن: قد انتهى زمنكم!
لم يعد الصمت حكمة، ولا الصبر فضيلة. ومن يظنون أن تمسّكهم بالكراسي سيُبقي الأمور على حالها، نسوا أن الجماهير لا تُهزم مرتين، وأن الجماهير حين تستيقظ، لا ترحم.
الارتباك ليس عارًا… لكن الإصرار عليه هو الخطيئة.
اجتماع غير معلن، تمويل غامض، قرارات مرتجلة، تعيينات ثم تراجعات، تصريحات متضاربة، مجلس مشوش لا يثق حتى في نفسه… هذه ليست أعراض مرض طارئ، ولكنها علامات موت سريري لحقبة انتهت، وإن حاول أصحابها التنفس تحت أجهزة غرفة الإنعاش.
لا تخدعكم محاولات “الترقيع اللحظي”، فالعهد الجديد يرى كل شيء. يرصده، ويحصيه، ويجمعه في ملف سيُفتح قريبًا، لا للمحاسبة، وإنما للخلع التام.
العهد الجديد:
ولادة لا يمكن منعها
إنه ليس تنظيرًا على ورق، ولا زعيقًا في وسائل التواصل. إنه حراك حقيقي، يتنامى في صمت، ويغلي تحت السطح. تنمو خلاياه في الأحياء، في روابط الجماهير، في العقول التي تعبت من التكرار، في الأصوات التي سُحقت طويلًا.
هذا العهد الجديد لن يطرق الأبواب، لأنه يملك القدرة على اقتلاعها.
في استراتيجيته:
• نظام مالي مستقل: لا وصاية لفرد ولا سطوة لرئيس. بل منظومة تمويلية تنبثق من استثمارات حقيقية، ورعايات ضخمة، وجمهور أصبح يعرف كيف يُموّل ناديه دون تذلّل أو استجداء.
• مجلس كفاءات لا ولاءات: لا مكان لأصحاب “الولاء الأعمى”، ولا للمجالس المصنوعة في الظلام. فالعهد الجديد لا يُجامل، له القدرة أن يُفرز، ولا يُعطي الحق إلا لمن يستحق.
• جهاز فني بثبات استراتيجي: لا تقلبات ولا “تجارب”. بل خطة واضحة طويلة الأمد، تبني وتُطوّر وتحصد.
• روح المريخ تعود: لا للفردنة، لا للتأليه، لا لتأجير الولاء. في العهد الجديد، المريخ يعود لأهله، لا لسادتهم.
رسالة إلى مجلس المكنكشين: اسمعوا جيدًا قبل فوات الأوان
يا من توهّمتم أن بإمكانكم الاستمرار في الإمساك بخيوط نخرتها الفوضى.
العهد الجديد قادم، لا ليستأذن، ولكن ليُزيحكم.
إزاحة بكل الطرق، بالوعي، بالإرادة الجماهيرية التي أصبحت تُنظّم صفوفها بذكاء لم تعرفوه، وتبني أدواتها بثبات لم تروه.
ستُفاجأون، لأنكم ببساطة لا ترون إلا ما أمامكم، بينما الثورة تُبنى خلفكم.
ظننتم أن الجماهير قد ملت، أو أنها اعتادت الهزيمة؟
الواقع أن الجماهير صارت تُخطط، وتُنظم، وتنتظر لحظتها. لحظة إعلان النهاية. لا خطابات، لا عتاب، فقط الإزاحة الكبرى.
فالعهد الجديد لا يسعى لترقيع سقف متهالك، بل لهدم البناء كله… وبناء آخر، لا يشبهكم.
صوت العهد الجديد: صاخب… لكنه هادئ
هذا الصوت يُربككم لأنكم لا تملكون أدوات فهمه. لا يُعلن عن نفسه بضجيج إعلامي، فقط بصمتٍ يُربككم أكثر.
إنه ينمو داخل كل من رفض الظلم الإداري، وكره التكرار، وأيقن أن المريخ لن يُدار بعد الآن كدكان على ناصية تمويل شخص.
هذا الصوت سيكبر، سيعلو، وسيفرض نفسه.
لأنكم أضعف، وهو أقوى… ولأنه جديد، نقي، غير مثقل بأخطاء الأمس.
وأهلك العرب قالوا:
“إذا جاء نهر الله، بطل نهر معقل.”
فلا تُراهنوا على صبر الجماهير، ولا على ضجيج المال، ولا على إعلامٍ مملوكٍ يُجمّل القبح.
العهد الجديد، يا سادة، قادم…
وسيعبر فوق أنقاض كراسيكم، ليكتب للمريخ تاريخًا يليق به.
والله المستعان.
