صوت العهد الجديد “1” – الاستقلال المالي: نهاية زمن التذلُّ

أبو بكر الطيب
ما قبل البداية:
في الوقت الذي تنهار فيه الأندية تحت وطأة العجز، وتتهاوى فيه الكيانات أمام أول هزّة مالية، نجد أن المريخ – كما عهدناه في سنواته الأخيرة – ظلّ رهينًا لمحفظة فرد، لا لرؤية مؤسسة.
وها هو “صوت العهد الجديد” يعلو ليقول ويعلن!
المحور الأول: الاستقلال المالي… لا تسوُّل بعد اليوم!
لماذا هذا المحور أولًا؟
لأن المال، شئنا أم أبينا، هو عمود الإدارة، وأساس الاستقرار. ومن لا يملك قراره المالي، لا يملك قراره الإداري، ولا حتى شرف قراره الفني.
لقد عاش المريخ سنواتٍ طويلة بين سندان التبرعات ومطرقة التوسُّل، لكن الحقيقة أن هذا النمط من التمويل ليس عطاءً، بل قيدٌ مغلّف، لأن من يُموِّل بلا مؤسسات، يُقرّر بلا مشورة، ويُخطئ بلا حساب.
العهد الجديد يرى غير ذلك:
في رؤية العهد الجديد، لا مكان لاقتصاد “الدكان”، ولا للميزانيات “السرّية”.
إنه نظام مالي مؤسسي شفاف، يُدار بحسابات معلنة، وتُراقبه لجان مختصة منتخبة من القواعد، لا من المكاتب.
كيف يتحقّق ذلك؟
أولًا: تنويع مصادر الدخل
استثمار أصول النادي (الملعب، الدكاكين، الأكاديميات، العلامة التجارية).
شراكات ذكية مع شركات راعية، لا علاقات شخصية تُنهيها لحظة غضب.
مشروع بطاقة المشجع ورقم المساهم (digital contribution)، لربط الجمهور مباشرة بتمويل ناديه.
إعلام محترف يُسوّق المريخ كـ”ماركة” تُدرّ لا تتسوّل.
ثانيًا: إيقاف التمويل المشروط
لا تمويل بلا مساءلة. من أراد أن يخدم النادي، فليكن أحد أذرعه، لا صاحب وصايته.
ثالثًا: مؤسسة القرارات المالية
بأن تُصبح كل حركة مالية خاضعة لموازنة مُقرّة سلفًا، ولائحة صرف واضحة، ومراجعة محاسبية دورية.
ما الفرق بين المريخ قبل العهد الجديد وبعده؟
قبل العهد الجديد، كان فرد واحد يدفع ويقرّر، بينما بعد العهد الجديد، أصبحت المؤسسة هي من تُموَّل وتُحاسب.
قبل العهد الجديد، كانت الأزمات تُحيط بكل فترة تسجيل، أما بعد العهد الجديد، فهناك خطة مالية تُدار بذكاء.
قبل العهد الجديد، كانت المطالبات تُطفأ بترضيات، وبعده، تُحفَظ الحقوق بنظام متين.
في قلب العهد القديم، تراكمت الديون بلا سجل واضح، أما الآن، فالشفافية تُبعد الغموض وتُضيء الطريق.
وقبل الختام:
أيها المريخاب…
إن أردتم ناديًا حرًّا، فابدؤوا بتحريره ماليًّا.
فالحرية لا تُمنح، بل تُنتزع من أنياب التبعية.
والمريخ لن يكون كبيرًا حقًّا، إلا حين يستغني عن كل “كبير” يتصدّق عليه!
وأهلك العرب قالوا:
“من يملك قوتك، يملك قرارك، ومن يملك قرارك، يملكك.”
القادم في السلسلة:
صوت العهد الجديد (2): مجلس الكفاءات… لا للولاءات، نعم للجدارة
والله المستعان
