من يجرؤ على حمل راية المريخ؟

أبوبكر الطيب
أسفي على مفاهيم وانطباعات كنا نظن فيها أن المريخ قلعةٌ لا تُقهر، وأن من يتولى أمرها هم قادةٌ في قامات الجبال، يرفعون رايات المجد ولا يعرفون التراجع. لكن ما نراه اليوم، وما يعانيه النادي في الوقت الراهن، من عمليات بحث عن وجوه جديدة أو قديمة، تأتي باسم الإنقاذ أو التطبيع أو التسيير، ولا يهم ماذا تحمل معها من أحلام وتطلعات، وهل تحمل في طياتها اليباب والخراب، أم أنها تحمل الإنقاذ والخلاص. هل يتبعون الخطط والبرامج، أم إنهم يزيغون عن الحق، وتلهث أبصارهم وراء سراب المصالح الشخصية، كما انبهر غيرهم، تاركين خلفهم نادياً عظيماً يتأرجح بين الفشل والضياع.
إن جماهير الصّفوة قد سئمت العيش في هذا الواقع الأليم، وملت الوعود الكاذبة والأقوال المعسولة التي تتساقط كالأمطار مع بداية كل يوم، ثم تتبخر مع آخر النهار. رأينا من يفرون عند أول اختبار للتكليف، كما يفر الجبان من الموت، تاركين النادي في مهب الريح، وباتت الألسنة تلوك السباب بدل أن تبني مجداً يليق بتاريخ المريخ.
لقد طال انتظار لجنة التسيير الجديدة، حتى باتت في مخيلة الصّفوة كأنها ستأتي من بين الصحابة والتابعين، تنزل بالعدل والحق، وتعيد المريخ إلى عليائه. مشاورات هنا، ووعود هناك، وأحاديث طويلة في الغرف المغلقة… لكن الحصيلة النهائية: لا شيء! هل هو التمنع والرغبة؟ أم الخوف والرهبة؟ أم مجرد تكبر وغرور وعزوف رغم وجود النية؟
الحقيقة أن التكليف بالتسيير ليس بهذه الخطورة التي يتوهمها البعض، وإنما هي فرصة لمن يجرؤ أن يكتب اسمه في سجل الخالدين في تاريخ المريخ. التجربة قد تكون صعبة، لكنها ترفع شأن صاحبها، وتضعه بين الأسماء التي لا ينساها المريخاب، مع الذين سطروا أسماءهم بماء الذهب.
وعلى من يقع عليه الاختيار أن يتحلى بالشجاعة والإقدام، لا أن يتوارى خلف الأعذار. هذه اللحظة هي لحظة اختبار حقيقية، فإن تراجعتم الآن، فأنتم تتركون المريخ في يد الفوضى، وتخذلون جماهيركم.
أما لجنة الوفاق، فعليها أن تدرك جيداً أن نجاحها مرهون بتحقيق هذه المهمة، وأنها إن فشلت، ستُحسب الخيبة على الجميع، وإن نجحت، فستكتب صفحة مجد جديدة، مهما كانت التضحيات أو التكاليف.
وقبل الختام:
وأهلك العرب قالوا:
يرَى الجُبَناءُ أنّ العَجزَ عَقْلٌ
وتِلكَ خَديعَةُ الطّبعِ اللّئيمِ
وكلّ شَجاعَةٍ في المَرْءِ تُغني
ولا مِثلَ الشّجاعَةِ في الحَكيمِ
وكمْ من عائِبٍ قوْلاً صَحيحاً
وآفَتُهُ مِنَ الفَهْمِ السّقيمِ
ولكِنْ تأخُذُ الآذانُ مِنْهُ
على قَدَرِ القَرائحِ والعُلُومِ
والله المستعان
