الرأيفي دائرة الضوء

ريكاردو والرهان الخاسر

حافظ محمد أحمد

 

لم أتردد في المجاهرة برأيي في خطوة لجنة التسيير السابقة بالتعاقد مع هيرون ريكاردو، من قبل حتى أن يمسك بالصافرة ليدشن مشواره مع الفريق، ويكفي فقط النظر للسيرة الذاتية للبرازيلي، الذي انتشله المريخ من عطالته التي امتدت لموسمين ابتعد فيهما عن العمل.
ثمة ظاهرة غريبة رافقت المدرب خلال فترة عمله الطويلة، تتمثل في عدم استمراره لعامين مع أي ناد، باستثناء فترة مع الهلال موسم 2007, ولست في حاجة للتذكير أن المريخ والهلال، خلال تلك الفترة التي جلس على سدة حكمهما جمال الوالي وصلاح إدريس، قد رفعا سقف الطموح وقدما فريقين في غاية التميز، وأثمرت تعاقداتهما المتميزة إلى وصول المريخ لنهائي الكونفدرالية 2007، ووصول الهلال لنصف نهائي رابطة الأندية، مستفيدين من الكوكبة المتميزة من اللاعبين على رأسهم الأسطورة فيصل عجب والبرنس هيثم مصطفى، بالإضافة إلى جيل رائع من اللاعبين، الذين يذكرهم الجميع ويدين لهم بالفضل في إعادة أمجاد المنتخب واستعادة توازنه، بعد غيابه عن النهائيات لفترة زادت عن النصف قرن.
باستثناء فترته الزاهية مع الهلال، وموسمه مع المريخ أثناء بناء الفريق الذي أشرف عليه جمال الوالي ووصل فيه الأحمر لنصف نهائي الكونفدرالية 2012، فإن مسيرة ريكاردو تخلو من أي إنجازات لافتة، كما تتفاوت فتراته مع كل الأندية بين 10 أشهر إلى بضعة أشهر، ثم يغادر بعدها كدليل على ضعف إمكاناته.

ريكاردو كان إحدى حلقات الضعف في المريخ، وسببًا أساسيًا في عدم تجاوزه مرحلة المجموعات، على الرغم من أن كل الظروف كانت مهيأة، صحيح أن المريخ تنقل بين الملاعب بسبب الإهمال الغريب للقلعة الحمراء، وعدم تجاوز المجالس ولجان التسيير للسلحفائية التي مارستها في العمل بالقلعة الحمراء، غير أن نجوم المريخ قد تجاوزا مرحلة الأرض والجمهور مع كامل القناعة بأهميتهما، ويكفي ما فعله ماميلودي صن داونز بالاهلي المصري بكل إرثه وبطولاته، ومع الهلال المتسلح بالأرض والكتيبة المدججة من المحترفين، كل ذلك لم يمثل معضلة أمام الجنوب إفريقي ليمارس سطوته بالأهلي والهلال.

المريخ تعافى من كل مشاكل الماضي وتوفر لمجلسه استقرار كبير، إذ لا يمكن اختزال فترة مجلس أيمن أبو جيبين في بضعة أشهر، ذلك أن معظم أعضاء اللجنة ظهروا في المجلس، وزادت فترة لجنة التسيير عن 90 يومًا، ولم تكن هناك معارضة أو مشاكل يمكنها أن تؤثر على فريق الكرة، واستعاد المريخ معظم نجومه ويكفى فقط النظر لمقاعد البدلاء التي يجلس عليها نجوم مثل سيما والتش، كما ينتظر خارج القائمة لاعب مثل محمد الرشيد.
يكفى ريكاردو سوءً وتواضعًا جهله بنواقص الفريق، فالقاصي والداني يعلم أن مشكلة الفريق تتمثل في محدودية المهاجمين، بعد شطب بكري وموسيس وإقصاء ريكاردو للواعد سكندر.
وتوفرت فرصة نموذجية لريكاردو خلال الميركاتو الشتوي للتعاقد مع مهاجمين متميزين فماذا فعل؟ اكتفى بالعجوز باولو سيرجيو 33 عامًا ليدفع معه بالجزولي نوح ليهدرا فرصًا بالجملة، ويتسببا في ضعف المحصلة الهجومية في ظل تواضع قدرات ريكاردو في ابتكار حلول هجومية، لم يكن ليحتاج إليها لو إنه تعاقد مع مهاجمين يصنعون الفارق.

كلارك لم يستهلك وقتًا، ليدرك أن الجزولي نوح لا يمكنه أن يحرز هدفًا أو يشكل خطورة أمام أي دفاع منظم، أما بطء سيرجيو فقد كان أبرز ملامح فترته مع المريخ، ومع ذلك تفرج ريكاردو عليهما مثله مثل أي مشجع يشاهد المباراة على شاشة التلفاز.
مشكلة المريخ وعلته الحقيقية كانت في خط الهجوم، وتلك مشكلة يُسأل عنها ريكاردو بالدرجة الأولى.

لا أحد يشكك في أن الترجي وشباب بلوزداد والزمالك أندية كبيرة ذات إرث وتاريخ، لكن مثلها مثل كل الأندية العربية تمر بفترات سيئة، وتعتمد في تجاوز تلك الفترة بالتعاقد مع مدربين كبار وتحسن الاختيار، وتستفيد من أخطاء الأندية الأخرى التي تضعها القرعة في طريقها غير أنها تسقط في المحكات، الترجي تحديدًا ينتظر سنوات ليقدم فريقا متميزًا وحاليًا لا يمر بفترة زاهية حتى وإن تصدر الدوري التونسي، والدوري الجزائري ليس مميزًا بما فيه الكفاية وسقوط بلوزداد فيه بعد مرحلة المجموعات مسألة وقت ليس إلا، بينما تقهقر الزمالك لوسط جدول الترتيب كما يعاني من عدة مشاكل وأزمات إدارية، والتفوق عليه لم يكن يحتاج إلا لمدرب متميز.

يمر المريخ بمرحلة تعافي، والحديث عن حداثة عهد المجلس وما إلى ذلك من مبررات ليس كافيًا، فالمريخ يملك نجومًا بوزن الذهب، ولا يمكن اعتبار الهدف الغريب سببًا للحديث عن علة مزمنة في اللاعب السوداني وتقديمه شماعة لأخلاق البرازيلي، فالأخطاء حتى وإن كانت ساذجة فهي ليست حكرًا على اللاعبين السودانيين، ولا يمكننا تجاهل ما فعله كرشوم وحمزة داوود وغيرهم من قبل في البطولات والتركيز على خطأ هدف الترجي، فدفاع المريخ كان الدفاع الأميز كعناصر وليس كتنظيم، وبالأرقام شباك المريخ قد اهتزت بثلاثة أهداف في خمسة مباريات.
جُبن ريكاردو وسوء اختياراته وتفضيله لمواطنيه واغفاله تدعيم المقدمة الهجومية، كلها أسباب أساسية في خروج المريخ، فتميز وخبرة نجوم الفريق ليست محل شك أو خلاف، ويكفي صمودهم في أعاصير الأزمات الإدارية واستمرارهم في التنافس، وحين هدأت العاصفة أخطأ المجلس باختيار ريكاردو مما عقّد مهمتهم مجددًا.

أضواء

* ما الذي منع ريكاردو من التعاقد مع مهاجمين يصنعون الفارق؟ ولماذا تنتظر الجماهير انتهاء الموسم ليصحح خطأ ارتكبه بنفسه؟ ومن الذي حاسبه على الخطأ الفادح الذي ارتكبه في حق الفريق وجماهيره؟

* ما هو تفسير ريكاردو لتجهيزه وصبره على ماتزينهو وباولو سيرجيو؟ ولماذا لم يمنح فرصة للسماني الصاوي والتكت ووجدي هندسة؟

* الترجي تفوق على المريخ تكتيكيًا بفضل تميز نبيل معلول، والمريخ سقط أمامه بتونس وبنغازي بسبب أخطاء ريكاردو وتأخره في التبديل.

* لولا أخطاء ريكاردو لرافق المريخ الترجي أو شباب بلوزداد، فنجوم المريخ تنافسوا على التميز في 4 مباريات، وباستثناء مباراة شباب بلوزداد في الجولة الرابعة كان التألق جماعيًا.

* يسأل ريكاردو عن الإخفاق وعن المحصلة السيئة في الأبطال، وقبله يسأل أسامة عبدالجليل الذي أتى به.

* مجلس المريخ منقسم بين معارض لا يخشى المجاهرة بسطوة وانفراد أيمن وأسامة بالقرار وبين معارض صامت، وآخرين لا علاقة لهم بكرة القدم.
* لن ينصلح حال المريخ وعود مجلسه أعوج.
* لا تحلموا بغد أفضل.
* رمضان كريم وتصوموا وتفطروا على خير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: محمي ..