قوقي وألبد.. صمت اللجنة الدولية

أبو بكر الطيب
إذا كان صمت القبور واحتكار المنافع هو عنوان الحلقة السابقة، فإننا اليوم نفتح صفحة جديدة من هذا الملف المسكوت عنه. فالأولمبية السودانية – بغيابها المستمر – تحولت إلى كيان يرفع شعارًا يصلح لوصف حالها: “قوقي وألبد”.
صوت بلا صورة
“قوقي وألبد” هو الشعار الذي يلخص المشهد: نسمع صوت اللجنة الأولمبية السودانية في بيانات التهنئة بالأعياد والمناسبات، ومباركتها للجنة التطبيع لاتحاد الخرطوم، لكنها تختفي تمامًا حين تشتد الأزمات. فهي حاضرة بالتصريحات الناعمة، وغائبة بالقرارات الحاسمة.
تهنئة بالمولد النبوي الشريف هنا، ورسالة معايدة بالعيد هناك.
لكن حين تشتعل أزمة الاتحاد العام لكرة القدم وجرائمه بحق أندية ود نباوي وتوتي والزومة، لا نسمع حتى همسًا ولا نرى موقفًا. وكأنما اللجنة الأولمبية السودانية طائر يغني ويشدو على فنن بعيد، لكنه يخشى الظهور أمام الصيادين.
وهنا يبرز السؤال الأخطر: أين هي اللجنة الأولمبية الدولية (IOC) من كل هذا العبث؟
أليست هي التي تراقب عمل اللجان الوطنية وتضمن التزامها بالميثاق الأولمبي؟
أليس السودان من أكثر الدول احتياجًا لمتابعة دقيقة ومساعدة فعلية، في ظل الحرب والانقسام والغياب الإداري؟
غياب المواقف الحاسمة
فكيف تسمح بوجود لجنة أولمبية وطنية بلا محكمة رياضية، بلا مشاريع تطويرية، وبلا موقف واضح من التجاوزات الخطيرة التي تهدد مصداقية الرياضة؟
إن صمت اللجنة الأولمبية الدولية لا يقل خطورة عن عجز اللجنة السودانية. فهو صمت يمنح غطاءً للفشل، ويعطي شرعية لممارسات تهدم أسس العدالة الرياضية.
الأولمبية السودانية… حضور في الصور وغياب في الميدان
إن من المؤسف أن اللجنة الأولمبية السودانية لا تظهر إلا في الصور التذكارية واللقاءات البروتوكولية، بينما يظل الرياضي السوداني في الميدان بلا سند. وهذا الانفصام جعلها تفقد ثقة الرياضيين، لتتحول في نظر الكثيرين إلى كيان بلا وزن حقيقي، مجرد “بصمة حضور” في المناسبات.
وحتى لا نظلم اللجنة الأولمبية السودانية أكثر مما تحتمل، نقترح عليها أن تسن مسابقة أولمبية جديدة تحت شعار: “قوقي وألبد… صوت بلا صورة”، لتكون أول مسابقة في التاريخ تُكرَّم فيها اللجان التي تكتفي بالتصريحات الناعمة والابتسامات في المناسبات، بينما تغيب تمامًا عند ساعة الحقيقة.
الامتيازات في مأمن!
أما المقترح الثاني، فموجَّه مباشرةً إلى “الكرتجية والمصلحجية” من أهل الرياضة: افتحوا أعينكم على ما تنعم به الأولمبية السودانية من امتيازات ونثريات وسفريات. فالقوم كل يوم في بلد، يشاركون بلا أثر، يرفعون علم السودان في المحافل، لا فرق عندهم أكان هناك ميداليات أم لا… المهم الحضور والتصوير والسياحة على حساب الرياضة.
لكن آن الأوان أن نصدر لهم بعض المتاعب، ونوجّه أعين الانتهازيين صوبهم، حتى يدركوا أن امتيازاتهم لم تعد في مأمن، وأن الصمت لم يعد يحميهم. فإذا لم يؤدوا دورهم الحقيقي، فسوف تحاصرهم نيران النقد من الداخل والخارج.
صدى الحكماء
قال العرب:
لا يُغني السماع إذا لم يُرَ الفعل. وهذا هو حال الأولمبية السودانية اليوم: أصوات نسمعها في المناسبات، لكن غياب كامل عند ساعة الحقيقة.
وقالوا أيضًا:
“البتسويه كريت تلقاهو في جلدها”. ولعل جلد كريت الأولمبي سيعاني من صمتهم وستنال منهم الكاروشة والحكة إن لم يستيقظوا ويقوموا بواجبهم.
فإن لم تتحرك اللجنة الأولمبية الدولية، ويستيقظ الضمير الأولمبي في الداخل والخارج، ستظل الرياضة السودانية رهينة لشعار “قوقي وألبد”: صوت بلا صورة، وجود بلا أثر.
والله المستعان.
