أبو عاقلة أماسا
* أصدرت لجنة الانضباط التابعة لاتحاد كرة القدم، قرارات تستحق أن نصفها بالمجزرة، في حق رئيس إتحاد الخرطوم ومجموعة من أنشط الإداريين فيه، وذلك بعقوبات تراوحت بين الإيقاف من مدة أقصاها خمس سنوات للأخ الشاذلي عبدالمجيد رئيس الاتحاد، وأدناها سنتان لبقية الأعضاء مع المنع من دخول دور الرياضة، وهي تستحق الوصف أعلاه لأنها العقوبات الأكبر في تاريخ الكرة السودانية في الثلاثين سنة الأخيرة، وقد تكون الأقسى إذا قرأنا الأزمة التي نشبت بين الطرفين من زاوية أخرى، بعيدًا عن تداعيات وتأثيرات حالة ما بعد الإنتخابات التي فازت بها مجموعة التغيير على النهضة، وحينها سنكتشف إن المعركة كلها ليست أكثر من ردود أفعال لتلك الإنتخابات وما جرى خلالها، وإنه لا توجد أية مبررات لما حدث غير ذلك، ولكن البعض اتخذ شماعات واهية مثل النظام الأساسي وغيره، كما إن للإعلام المتفلت دور في إزكاء نيران الحرب بين الطرفين، وأيضًا بعض محاور الجدل في القوانين الرياضية لها دور في اشتعال هذه الأزمات، بازدياد الجدل في كيفية تطبيقها على طريقة جدال النمرود بن كنعان، لذلك أؤكد على وجود قواسم مشتركة بين ما جرى بين الاتحادين العام والمحلي الخرطومي من ناحية، وبين ما يحدث في موقف النهضة من الإنتخابات، وكيف أنها صعدت الموضوع إلى محكمة كاس ومازالت تطارده، وما كان بشأن ملف الأزمة الإدارية التي عصفت بنادي المريخ لأكثر من سنتين، ومازال النادي الكبير يعاني تبعاتها حتى الآن.
* هناك قاسم مشترك بين الأزمات والمعارك الثلاثة، هو أن وراءها عقليات لأشخاص تريد أن تنتصر وتنتقم، وهي حريصة على ذلك أكثر من حرصها على التوصل لحلول، تعيد الثقة لأطراف العملية الرياضية والاستقرار للوسط الرياضي، ونتيجة كل ذلك أن الكرة السودانية تهتز بعنف في منافساتها وطريقة التعامل معها وتعصف بها الأزمات من كل جانب، بينما يبحث بعض الأفراد عن إنتصارات شخصية!
* الشاذلي عبدالمجيد سيكون من أكبر الخاسرين في هذه المعركة، فقد قدم جهدًا خرافيًا في اتحاد الخرطوم، ونجح في العبور به في فترة أزمات كورونا، وقدم من الخدمات والإنجازات ما يؤهله للفوز بأي انتخابات تقام باتحاد الخرطوم، ولولا تلك الجهود التي بذلها لرتق الفجوة التي نتجت عن الأزمة الإقتصادية وفترة كورونا، لانهارت منافسات ودوريات الخرطوم، لكن في المقابل كانت هناك مشكلة عظيمة، تتمثل في الجانب الإندفاعي والإنفعالي في شخصية الشاذلي عبدالمجيد، وغياب الحكمة عنه في لحظات يكون في أمس الحاجة لها، فبعد الإنتخابات وفوز مجموعة التغيير، كانت مصلحة أندية الخرطوم التي يمثلها، تقتضي أن يفتح صفحة جديدة وأن يلطف الأجواء بين الاتحادين، نظرًا لأن العلاقة بينهما رضينا أم أبينا هي علاقة إنتماء وليست ندية.
* خطورة هذه الأزمة، تكمن في أنها ترتكز وتنبت من جذور أزمة أخرى غير التي يراها الناس ولها مرابط بين الجانبين، وهناك من يغذيها ويعمل فيها بروح الإنتقام من الجانبين، بينما الضحية الأولى من كل ذلك هي أندية الخرطوم، الذي يعتبر أكبر اتحاد في السودان من حيث عدد المباريات التي ينظمها، وخسارته ستكون في أنه سيخسر كل اللاعبين الذين في كشوفاته، الذي من المؤكد إنه خسر المليارات في تسجيلهم وإعدادهم للدوري، وإذا سرت العقوبة فإن أندية الدوري الممتاز والاتحادات المحلية الأخرى، ستتكالب على هؤلاء اللاعبين للحصول على خدماتهم بلا مقابل، وخسرت بعض الأندية جزءً من لاعبيها بالفعل خلال التسجيلات الأخيرة!
حواشي
* كانت هناك مبادرة من مجموعة الحكماء الستة وهم الباش مهندس عمر البكري أبو حراز، والأستاذ محمد الشيخ مدني، والأستاذ نادر مالك، والفريق منصور عبدالرحيم، والأستاذ بلال عنبر، والأستاذ الطريفي الصديق، والتي قطعت شوطًا بعيدًا حتى اعتقدنا أن نهاية الأزمة بات وشيكًا وأنها مسألة وقت ليس إلا!
* يبدو أن بعض العوامل قد أعاقت عمل هذه اللجنة ومبادرتها، أولها صعوبة الحركة بالعاصمة هذه الأيام، مما حال دون السرعة في التواصل مع بقية الأطراف ذات الصلة.
* أرجح أن لجنة الإنضباط لم تتلق تقريرًا بعمل لجنة المبادرة، لكي تمنح المساعي مساحة للمعالجات والحلول.
* هذه العقوبات ستكون كارثة على الكرة السودانية، في عهد غابت عنه الحكمة، وأصبح يؤثر فيه المضمار الذي اشتعل بسباق المصالح والتكتلات!
* أكرر أن أندية الخرطوم هي الطرف الأكبر خسارة في هذه المعركة، التي لا ينصلح لها حال إلا باستقرار النشاط التنافسي في ملاعبها مهما كان الثمن!
* مثل هذه المشاكل والأزمات لا تحلها المواقف المتعنتة وركوب الرأس، بل يحتاج الأمر إلى الحكمة والتضحيات، والعقول التي تؤثر الصالح العام على الخاص!
* لجنة مبادرة حكماء الوسط الرياضي قادرة على وضع حد للنزاع وإعادة الهدوء، ولكنها تحتاج لمزيد من الوقت!
* أكبر عدو للشاذلي عبدالمجيد هو الشاذلي نفسه وطريقة تفكيره!
* الشاذلي الرياضي العادي واللاعب السابق والمشجع المناكف، يجب أن يكون مختلفًا عن الشاذلي القيادي الإداري، هذه ضرورة إذا لم يستوعبها ويعمل لأجلها “مافي فايدة”!
* سيستأنف المريخ اليوم بملاعب كوبر مبارياته في الدوري المحلي الممتاز، بمواجهة أهلي مروي “ملوك الشمال” في مباراة لا أتوقع فيها غير الفوز!