الزنجي والتطبيع مع…!!!!
إن الاتحاد السوداني لكرة القدم قد اختار الدخول في مواجهة مكشوفة مع القانون، بعد أن فرض على اتحاد الخرطوم ما يسمى بـ “لجنة تطبيع”. هذه خطوة ظاهرها الرحمة وباطنها خرق فاضح للنظام الأساسي وتحدٍ سافر لقرار قضائي نافذ.
القانون واضح: حق تكوين لجان التطبيع محصور في يد الوزير المختص (وزير الشباب والرياضة)، وليس من صلاحيات الاتحاد العام ولا أي من لجانه. بعبارة أخرى، لا يملك الاتحاد العام صلاحية تعيين لجنة تطبيع لاتحاد الخرطوم أو لأي اتحاد محلي، وهذا وحده يكفي لنسف شرعية كل ما ترتب على ذلك.
أول ما يفضح هذا القرار أنه صدر من رئيس اللجنة القانونية، متوكل الزنجي، بصفته الفردية وليس بصفته رئيسًا للجنة قانونية؛ لأن تكوين اللجان لم يكن قد تم بعد، حيث تقرر أن يتم يوم الخميس القادم بعد اجتماع مجلس الاتحاد السوداني. هذا يعني أن لجنة التطبيع وُلدت من خطأ إجرائي أصيل، فضلاً عن أن الصلاحية ليست من اختصاصه. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تجاهل الاتحاد حكمًا قضائيًا واضحًا من محكمة الطعون الإدارية يقضي بوقف أي تصرف في اتحاد الخرطوم، مما يعني أن كل ما بُني بعد هذا الحكم فهو باطل.
### لجنة بلا شرعية.. تتقمص دور القاضي!
الأخطر من ذلك أن لجنة التطبيع منحت نفسها سلطات عدلية لا تملكها، عبر تشكيل لجان عدلية والبت في نزاعات. هذه الصلاحيات محفوظة حصريًا للجمعية العمومية واللجان القضائية المستقلة (لجنة الانضباط ولجنة الاستئنافات). وهنا يبرز الخطر الأكبر: لجنة تطبيع إدارية مؤقتة تتحول إلى قاضٍ وحكمٍ في ذات الوقت، وهذا يقضي على مبدأ الحياد ويفتح الباب أمام الطعون وبطلان الأحكام.
### من يدافع عن العبث القانوني؟ فضيحة المحامين المموهة
إن بعض الأسماء القانونية التي تدخلت في النقاشات بحجة “المهنية القانونية” لم تكن إلا دروعًا بشرية تحاول تبرير هذا العبث. هؤلاء الذين يصفون أنفسهم بالزعماء القانونيين، والذين يقفون مع ما قام به الاتحاد السوداني رغم الأدلة الواضحة والبراهين المقدمة ضد اللجنة، كشفوا عن ضعف فادح في فهمهم للقانون الرياضي وبنيته الأساسية.
لقد انكشفت عوراتهم المهنية، حيث اتسمت مواقفهم بالتبرير العاطفي، والتلاعب بالمصطلحات، وتجاهل النصوص الحاسمة، حتى صار واضحًا أنهم أبعد ما يكونون عن المهنية القانونية الرياضية. إن الذين ظنوا أن توقيعًا أو لقب “حقوقي” يكفي لتسويق مشروع باطل عليهم أن يراجعوا شهاداتهم ومبدأ الحياد المهني.
### أسئلة تكشف المستور
* هل تستطيع لجنة التطبيع إلغاء قرارات لجنة الانضباط؟
* كيف استطاعت لجنة التطبيع التدخل في اختصاصات حصرية للجمعية العمومية واللجان المستقلة؟
* أين استقلالية القضاء الرياضي التي تشترطها “فيفا” ولا تقبل المساس بها؟
الإجابة واحدة: تجاوز فجّ للقانون، وعبث إداري، وانهيار كامل لمفهوم الحياد.
### المخاطر والنتائج المترتبة
ما حدث هو تجاوزات لا يمكن إصلاحها بالتغاضي، وهو مسار محفوف بالمخاطر الوعرة:
* **قرارات هشة:** كل قرار صادر عن اللجنة هو محل للطعن والإلغاء.
* **عقوبات دولية:** قد تتدخل “فيفا”، لأن خرق استقلالية اللجان العدلية يُعد من أكبر المحظورات.
### المسؤولية على من تقع؟
إذا أصر الاتحاد السوداني على الاعتراف بما حدث، فالمسؤولية تقع عليه كاملةً، وعلى رأسه المتسبب الرئيسي. أما إذا أنكر وتراجع، فلن ينجو من المحاسبة من وضع يده على مؤسسة دون سند قانوني. لجنة التطبيع نفسها لا يمكنها التذرع بالجهل؛ لأنها نفذت ووقعت وحركت الآليات، وحسابها سيكون عسيرًا أمام القضاء والهيئات الدولية.
### وقبل الختام
هذه معركة على الشرعية واستقلالية القضاء الرياضي. إن استمر العبث فالعواقب ستكون وخيمة: قرارات قابلة للإلغاء، وثقة مهدورة، وربما عقوبات دولية. وكما قال الأجداد: “ما زاد عن حده، انقلب ضده”.
فإما أن يعود الاتحاد السوداني إلى جادة الصواب بحل اللجنة، وإلغاء كل ما صدر عنها، وإحالة المخالفات للتحقيق، أو فليتحملوا تبعات طريقٍ نهايته مظلمة أمام القانون والرأي العام.
إننا صبورون على الغباء، ولكن ليس على من يتفاخرون بغبائهم.
والله المستعان.

