أبو بكر الطيب
في خطوة مثيرة للجدل، اشترط الاتحاد السوداني لكرة القدم على نادي حي العرب بورتسودان أن يتحمّل تكاليف انعقاد جمعية عمومية جديدة، لتعديل المادة (9/ز) وقبول مذكرة النادي. ورغم أن ظاهر القرار يبدو “استجابة” لضغط الجماهير، إلا أن جوهره يفتح بابًا واسعًا للتساؤلات: ماذا سيستفيد حي العرب فعليًا بعد أن يدفع هذه النفقات؟
ماذا يستفيد حي العرب؟
الجواب الأقرب: لا شيء.
-
يدفع النادي تكاليف الجمعية.
-
تُجرى الجمعية وتُعدَّل المادة (9/ز) إلى (6 نقاط ذهاب وإياب بدل 3).
-
لكن التعديل لا يسري بأثر رجعي.
إذن، حي العرب لا يستعيد نقاطه ولا يغيّر وضعه الحالي. وهنا يصبح المشهد عبثيًا: النادي تحمّل النفقات، لكنه خرج خالي الوفاض.
الفخ القانوني
خسارتان في صفقة واحدة
قد يكون الاتحاد العام تعمّد أن ينصب هذا الفخ:
-
خسارة القضية: بعد انعقاد الجمعية، يصبح قرارها ملزمًا ونهائيًا، لا يُلغى إلا بجمعية أخرى. أي أن حي العرب يُغلق بيده كل أبواب الطعن في قضيته الحالية.
-
خسارة المال: نفقات الجمعية العمومية ليست بالهينة، فإذا لم يستفد النادي من التعديل، يكون قد دفع ثمنًا بلا مقابل.
وهنا يخرج الاتحاد بمظهر “المنصف” لأنه أتاح التعديل، لكنه في الحقيقة يبرّئ نفسه عبر تحميل المسؤولية للجمعية العمومية: “نحن فتحنا الباب… والجمعية قالت كلمتها.”
الثغرة الخفية
توريط الجمعية
هذا التكتيك يحقق للاتحاد مكسبًا مزدوجًا:
-
يُبعد نفسه عن دائرة الاتهام المباشر.
-
يُحمّل الجمعية مسؤولية الحسم، مع علمه المسبق أن قرارات الجمعية لا تُلغى إلا بجمعية أخرى.
بهذا الشكل، حي العرب يُهزم مرتين: أولًا بالقانون الذي لا يُطبّق بأثر رجعي، وثانيًا بمظلة “الشرعية الجمعية” التي تُحصّن الاتحاد من الطعون.
كيف يتفادى حي العرب الوقوع في الفخ؟
-
إصرار على بند استثنائي واضح: أن يُكتب صراحة في جدول أعمال الجمعية العمومية أن تعديل المادة (9/ز) يشمل وضعية حي العرب بأثر رجعي استثناءً.
-
رفض التمويل المنفرد: مطالبة بأن تتحمّل الأندية أو الاتحاد تكاليف الجمعية، حتى لا يُستخدم المال ذريعة لإقصاء النادي.
-
التحرك القانوني المتوازي: اللجوء إلى محكمة كاس أو الفيفا للطعن في “مشروعية الشرط المالي”، وعدم الاكتفاء بما قد تسفر عنه الجمعية.
ثغرات أخرى يجب التنبه لها
-
شرط النفقة كسابقة خطيرة: إذا مرّ هذا السيناريو، سيصبح الاتحاد قادرًا على ابتزاز أي نادٍ مستقبلاً، بأن يدفع ليُسمع صوته.
-
الإرهاق المالي للأندية: الجمعيات العمومية لها ميزانيات ضخمة، وفي ظل الأزمة الاقتصادية، قد يُستخدم هذا الشرط كوسيلة لإقصاء الأندية الفقيرة.
-
التلاعب بالزمن: الاتحاد قد يماطل في تحديد موعد الجمعية، ليترك حي العرب معلّقًا بعد أن استنزف موارده في التحضير.
البعد السياسي الخفي
لا يخفى أن قرار التراجع له جذور سياسية بحتة: نادي حي العرب كان أول من احتضن الاتحاد في بورتسودان بعد خروجه من الخرطوم. واليوم، يحاول الاتحاد أن يردّ الجميل بطريقة تحفظ ماء وجهه، لكن على حساب النادي نفسه، وبآلية قانونية تُكبّله لا تُنصفه.
وقبل الختام: الفخ مكشوف قبل أن يُنصب
حي العرب الآن أمام لحظة فارقة:
-
إذا انخدع ببريق “الجمعية العمومية”، سيدفع الثمن مضاعفًا: ماله وحقه معًا.
-
وإذا أصرّ على الضمانات القانونية قبل أي خطوة، يمكن أن يقلب الطاولة على الاتحاد.
واجبنا أن نحذّر: الاتحاد لا يمنح فرصًا مجانية، ولكنه يضع أفخاخًا باردة على طريق الأندية.
وأهلك العرب قالوا:
«مَن دخل بطن الذئب، فلا يلومنّ إلا نفسه.»
وقالوا أيضًا:
«مخطئٌ من ظنّ يومًا أن للثعلب دينًا.»
والله المستعان.

