وسط الرياح

العدالة والنصوص القانونية نهضة كريمة وشاطئ أمدرمان

عدد الزيارات: 21٬002

474أبو بكر الطيب

في بادرة تختزل التناقض الأزلي بين النصوص القانونية الجامدة و روح العدالة الرياضية، يطل علينا اليوم ملف نادي النهضة كريمة، وهو ملف يذكّرنا أو يكاد يتطابق تماماً مع قضية نادي الشاطئ الأمدرماني ضد اتحاد الخرطوم، تلك القضية التي أشعلت الجدل الرياضي والقانوني ولا تزال نيرانها متقدة حتى اللحظة.
مدخل إلى الإشكال
نادي النهضة لم يكن مخالفاً عند تصدره لمنافسة اتحاد كريمة، بل قدّم موسماً ناصعاً استحق به صدارة الترتيب. غير أن الظروف القاهرة (توقف النشاط، الحرب، وتخطي عدد من اللاعبين للسن القانونية) قلبت الموازين، فوجد النادي نفسه يطرق باب الاتحاد المحلي ملتمساً حلاً، ومستشهداً بسابقة الاتحاد العام الذي صعّد ٧ أندية دفعة واحدة بذريعة “الظروف الطارئة”.
السؤال الجوهري هنا:
هل يملك النهضة “حقاً قانونياً” في الصعود، أم أن ما يملكه هو “مشروعية رياضية” فقط؟
التناقض بين النهضة والشاطئ: صورة طبق الأصل
قضية الشاطئ الأمدرماني في اتحاد الخرطوم مثّلت نسخة مبكرة مما نراه اليوم:
الشاطئ تصدر منافسته واعتبر نفسه أحق بالتصعيد.
الاتحاد المحلي اتخذ قرارات لم تراعِ مبدأ العدالة، فأصبح الخلاف في جوهره: “هل نتمسك بالنصوص أم ننحاز للعدالة الرياضية؟”
تصاعد الخلاف إلى الاتحاد العام، واشتعلت القروبات بالفتاوى “القانونية” التي لم تزد القضية إلا تعقيداً.
واليوم، يعيد التاريخ نفسه بحذافيره: نادي النهضة يطرق نفس الأبواب، بنفس الحجة، وبنفس المأزق.
العدالة الرياضية:
والمشروعية الأخلاقية
النهضة، مثل الشاطئ، يملك مشروعية مستمدة من:
تصدر المنافسة داخل المستطيل الأخضر.
الظروف القاهرة التي عطّلت استمراره (ظروف الحرب، توقف النشاط).
هذه المعطيات تمنحه “عدالة رياضية” تستحق النظر، إذ لا يعقل أن يضيع جهد موسم كامل بسبب أوضاع لا يد للنادي فيها.
النصوص القانونية: السيف القاطع
لكن القانون لا يعرف العاطفة:
لوائح الاتحاد السوداني لكرة القدم واضحة في اشتراط إكمال المنافسة وفق نظامها المعلن، أو اللجوء إلى لائحة استثنائية عامة تشمل كل الأندية.
استثناء نادٍ واحد فقط (النهضة مثلاً) دون غيره، يُعتبر مخالفة صريحة لمبدأ تكافؤ الفرص.
تصعيد ٧ أندية دفعة واحدة من قبل الاتحاد العام نفسه، رغم أنه استند إلى “ظروف الحرب”، يظل قراراً محل جدل قانوني لأنه خالف النظام الأساسي، وفتح باباً للطعون.
غياب رجال القانون
المفارقة أن هذه القضايا لا تحظى بالبحث الجاد من “القانونيين الرياضيين” الذين يملأون المنابر بضجيجهم، يفْتون في قضايا صغيرة ويصمتون أمام القضايا الكبرى التي تكشف حقيقة الفهم والتمكن.
أين هؤلاء من تحليل النصوص وتفكيكها؟
أين هم من وضع مقارنات بين قضية النهضة وقضية الشاطئ؟
وأين اجتهادهم في بيان طرق الحل؟
إن صمتهم هنا ليس بريئاً، ولكنه يفضح خواء الادعاءات.
الحل القانوني الصحيح
إما إكمال المنافسة (وهو الحل الأصلي والأكثر شرعية).
أو إصدار قرار عام من الاتحاد العام، يغطي جميع الأندية المتأثرة بالظروف القاهرة بنفس المعيار، حتى لا يكون هنالك ظلم أو تمييز.
أما الاستثناء الفردي (كما يطلب النهضة الآن) فلا يستقيم قانونياً، حتى لو بدا عادلاً من الناحية الأخلاقية.

وقبل الختام :-

القضية ليست قضية النهضة وحده، وإنما قضية منهج في إدارة النشاط الرياضي. فإذا كرر الاتحاد العام نفس ما حدث مع الشاطئ والنهضة وأندية أخرى، فسنظل ندور في حلقة مفرغة بين النصوص الجامدة و روح العدالة.

وأهلك العرب قالوا:

“إذا ضاق العدل اتسع الظلم، وإذا غاب الحق ارتفع صوت الباطل.
العدالة مفهوم مطلق يطبَّق بين جميع الناس ولا يقف فقط عند فئة بعينها أو أصحاب المعتقد الواحد، وهي تطبق كاملة بلا إفراط وتفريط في حقوق الناس، أو تمييز متعلق بأقلية أو أغلبية وشبكات نفوذ

والله المستعان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..