الخرطوم لا تعرف الانكسار
الخرطوم لا تعرف الانكسار… وإن أراد لها بعض صغار العقول أن تنحني، فهي المدينة التي خُلقت من صلب الإرادة والقوة والعزة ،والمنعة وشُيّدت على ضفاف الكبرياء. ومن رحمها وُلدت البطولات، وفي ساحاتها كُتبت أمجاد الكرة السودانية، فلا يمكن لقرارٍ أخرقٍ أن يطفئ نورها، ولا لظلمٍ أن يخرس صوتها حتى ولو تآمر عليها المرجفون
اليوم نقف أمام قرارٍ غريبٍ ومريبٍ في آنٍ واحد، صدر من لجنة المسابقات بالاتحاد السوداني لكرة القدم برئاسة محمد حلفا، يقضي بهبوط أندية ودنباوي والزومة وتوتي دفعة واحدة، فقط لأنها لم تشارك في الدوري الممتاز، وكأنّ الرجل يعيش في عالمٍ آخر غير هذا السودان المكلوم، الذي يعرف العاقل والجاهل والغبي والفطن ما تمر به البلاد من ظروفٍ استثنائية.
لكن الاتحاد العام، وكعادته، لا يعلم ولا يريد أن يعلم.
لقد تحدثنا كثيرًا عن هذه القضية في مقالاتٍ سابقة، وقلنا إنّ معالجة مثل هذه الملفات تحتاج إلى عقلٍ راشدٍ ونَفَسٍ قانونيٍّ مسؤول، لكن لجنة المسابقات اختارت طريق العناد والعبث، لتثبت لنا مرةً أخرى أنَّ القرارات عندهم تُصاغ في الخفاء وتُعلن عبر المنابر الإعلامية، لا عبر المخاطبات الرسمية كما تنص اللوائح والنظم الأساسية.
فمن حقنا أن نسأل: متى اجتمعت لجنة المسابقات؟ ومن الذي وقّع القرار؟ وهل هي لجنة تملك حق التنفيذ أم مجرد لجنة مساعدة ترفع توصياتها لمجلس الإدارة؟
ثم بأي مسوغٍ قانونيٍّ تُعلن قرارات كهذه عبر الإعلام دون إخطار رسمي للأندية المعنية؟
إنه العبث بعينه، وإهدارٌ صريحٌ لكل قيم العدالة المؤسسية.
وإذا كان محمد حلفا يظن أن الخرطوم ستسكت على هذا الفعل، فهو واهم.
فالخرطوم التي كانت دومًا مصدر القرار الرياضي، والولاية التي أنجبت الإداريين الكبار، ورفدت السودان بأنديته ورجالاته لن تقبل أن تُهان بهذه الصورة، ولن تقف متفرجة أمام من يحاول تهميشها وإذلالها.
الأدهى والأمرّ أن لجنة تطبيع اتحاد الخرطوم حتى هذه اللحظة لم تنبس ببنت شفة، وكأنها لجنة “صورية” بلا موقف، ولا كرامة، ولا ضمير!
لو كان فيهم ذرة من إحساسٍ بالمسؤولية لاستقالوا فورًا حفظًا لماء الوجه، لا أن ينتظروا تعليمات من اتحادٍ فاقدٍ للشرعية.
لكن يبدو أنهم ارتضوا أن يكونوا مجرد أدواتٍ في يد من لا يرى إلا نفسه، متناسين أن الخرطوم هي التي كانت يومًا الجلد والرأس، وستعود كذلك مهما طال الزمن.ولو كره الكارهون
ونقول لمناديب الولايات كافة:
إن الخرطوم التي تراها اليوم ساكتة، ليست إلا كالنهر حين يغادر ضفته… لا يهجرها، ولكنه سيعود أشدّ قوةً واندفاعًا.
وستعود ولاية الخرطوم إلى مكانتها وريادتها، وستقتلع هذا الاتحاد من جذوره، لتعيد الحق إلى نصابه، والسيادة إلى أهلها.
لقد آن أوان الموقف، وآن للخرطوم أن تُعلن:
وقف هذا العبث، ووقف الظلم، فالخرطوم لا تعرف الانكسار.
وقبل الختام :-
وأهلك العرب قالوا:
“قد تَغفو الأسود ولكنها لا تموت، وإذا نهضت فرت الوحوش من حولها.
والله المستعان

