وسط الرياح

تطبيع بلا نسب.. وقرارات بلا سند

عدد الزيارات: 21٬005
474

أبو بكر الطيب

قبل كل شيء، يجب أن ننبّه ونحذّر الأندية من مغبّة الانجرار وراء قرارات لجنة التطبيع باتحاد الخرطوم لكرة القدم، تلك القرارات التي تصدر بين الفينة والأخرى وكأنها أوهام تُنسج في الظلام، لا على ضوء القانون ولا بإشراف الجهة المختصة.

وعلى الأندية أن تعي تمامًا أن لجنة التطبيع هذه مجهولة الهوية التنظيمية، فلا أحد يدري على أي “آباءٍ شرعيين” تُنسب، فهي مولود إداري غير شرعي، لا تملك سندًا قانونيًا ولا نظامًا أساسيًا معتمدًا، وبالتالي فلا داعي لأن تتقمص دور الشرعية وهي تفتقدها من الأساس.

إن ما أقدمت عليه لجنة التطبيع باتحاد الخرطوم من الموافقة على عقد الجمعيات العمومية للأندية خارج السودان (بالقاهرة) هو أمر غريب في الشكل والمضمون، يخالف كل الأعراف واللوائح الرياضية المعمول بها داخل البلاد.

فالجهة الوحيدة المخوّلة قانونًا بالدعوة والإشراف على الجمعيات العمومية هي المفوضية، باعتبارها الحارس القانوني للنظام والشرعية، وهي وحدها التي تمنح الكيان الرياضي شهادة ميلاده القانونية بعد استكمال متطلبات النظام الأساسي وإجازته من جمعيته العمومية.

لكن لجنة التطبيع – كعادتها – تصرفت وكأنها فوق القانون، فأصدرت قراراتها الارتجالية دون فهمٍ أو دراية، وورّطت سيدة فاضلة حين كلفتها برئاسة لجنة قانونية في ظروف استثنائية، دون أن توفّر لها الحد الأدنى من الاستناد القانوني أو المرجعية المؤسسية لمهامها.

فكانت النتيجة أن وُضعت هذه السيدة في موقف لا تُحسد عليه، لتتحمل وزر خطأ إداري جسيم تتحمله اللجنة بكاملها.
إنّ من يجهل القانون لا يُفتى فيه، ومن لم يُدرك ترتيب الاختصاصات فليتعلم قبل أن يُورّط غيره.

كان الأجدر بلجنة التطبيع أن تعود إلى المفوضية، فتستفتيها في أحقية عقد الجمعيات العمومية خارج السودان، وفي مدى توافق هذا القرار مع الأنظمة الأساسية للأندية نفسها، بدلاً من أن تمضي في طريقٍ تسوده الجهالة وتغيب عنه المسؤولية.

والأسوأ من ذلك، أنّ اتحاد الخرطوم نفسه لم يُجز نظامه الأساسي بعد، ولا تزال شرعيته الإدارية ناقصة ومطعونًا فيها، فكيف لاتحاد لم يُرتّب بيته الداخلي أن يُشرف على غيره؟

وكيف لمن لم ينجح في توفيق أوضاعه القانونية أن يمنح الشرعية للأندية؟

إنه تمامًا كما قيل :
فاقد الشيء لا يعطيه.
إن القانون واضح وصريح:
لا يُعترف بأي نادٍ ككيانٍ مستقل إلا بعد أن تُجاز لائحته الأساسية من جمعيته العمومية، ثم تُودع وتُعتمد لدى المفوضية.
أما ما تقوم به لجنة التطبيع فهو تجاوز لهذه المراحل واعتداء صريح على صلاحيات المفوضية، ومخالفة صريحة لمواد النظام الأساسي للاتحاد العام لكرة القدم السوداني.

إنّ احترام التسلسل القانوني ليس خيراً ولا تنظيرًا، وإنما هو عمود الشرعية الرياضية، ومن دونه يتحول العمل إلى فوضى وعبث.
ولذلك، فإن كل ما صدر عن لجنة التطبيع بشأن الجمعيات العمومية للأندية باطل قانونًا ولا يترتب عليه أي أثر يذكر ، ويحق للأندية عدم الانصياع له وأن تلجأ للمفوضية لإبطال هذه القرارات فورًا.

وقبل الختام :-

نقول لاتحاد الخرطوم:
ابدأوا بتوفيق أوضاعكم القانونية أولاً، ثم تفرغوا لتعليم غيركم.
ولا تتحدثوا عن النظام وأنتم أول من خالفه، ولا عن الشرعية وأنتم أول من فقدها.
فمن لم يزِن نفسه بالحق، زانه الباطل وزيّنه الجهل

وأهلك العرب قالوا :-

الفايق يهمز أمه
وتأبى التفسُ أن تهجو لئيماً
فبعض الناسِ يرفعها الهجاءُ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..