وسط الرياح

الفيفا من جديد.. الاتحاد على نار العدالة

عدد الزيارات: 41
474

أبو بكر الطيب

لا يبدو أن الاتحاد السوداني لكرة القدم قد استوعب بعد أن التلاعب بالقوانين لا يلغي حضور العدالة، في أي وقت وأن تجاهل الأحكام لا يعني سقوطها بالتقادم.مهما طال الزمن
فها هو الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) يعود من جديد ليضع الاتحاد السوداني على نار العدالة، بعد أن حاول إطفاءها بالتجاهل وإطالت الأمد
بعد أن ألزمته بسداد أكثر من 51 ألف فرنك سويسري لاتحادات الجنينة ووادي حلفا و24 القرشي وأبوزبد، تعويضًا عن القضايا التي كسبتها تلك الاتحادات منذ خمس سنوات ولم تجد طريقها للتنفيذ.
نعم، الفيفا حددت مهلة شهرٍ واحدٍ للسداد، وبعدها ستوقع عقوبة الخصم من مستحقات التطوير.
ومع ذلك، لا نعتقد أن الاتحاد السوداني سيسارع إلى السداد خلال الفترة المحددة، لأنه ببساطة لا يملك هذا المال ليعيده إلى أصحابه، وإلاّ لما ظل هذا الدين قائمًا خمس سنوات دون أن يُقضى.
فأموال الاتحاد، كما يعلم الجميع، موزعة بين خمسين عضوًا تتقاسمهم النثريات والهبات والترضيات، بينما بند “التطوير” أصبح مجرد لافتة تزيينية على جدار البيروقراطية.
وما الذي يضير الاتحاد في أن تخصم الفيفا من أموال التطوير ذلك المبلغ؟ فالذي لم يعرف التطوير يوماً، لن يشعر بخسارته، إذ لم يكلّف نفسه عناء البحث فيه أو وضع خططه، ولا يبدو أنه مؤمن بأن التطوير واجب أصلاً!
الفيفا، في خطابه الأخير، لم يترك للاتحاد السوداني مساحة للمناورة، إذ منحه مهلة لا تتجاوز الشهر لتسديد المبالغ المستحقة، وإلا فسيتم خصم 20% من أموال التطوير المخصصة للاتحاد وتحويلها مباشرة لسداد تلك الالتزامات.
وهو قرار يعيد إلى الواجهة سؤالًا كبيرًا:

لماذا يصر الاتحاد السوداني على مخالفة أحكام الفيفا وكاس؟
أهو جهل بالأنظمة؟ أم عناد إداري؟ أم تغليب للمصالح الخاصة على الالتزام المؤسسي؟
إن ما جرى اليوم هو امتداد لسلسلة طويلة من التجاوزات القانونية التي راكمها الاتحاد، بدءًا من تجاهل أحكام محكمة التحكيم الرياضي “كاس”، مرورًا بملفات النزاعات مع الاتحادات المحلية، وصولًا إلى قضايا سوء الإدارة والشفافية في الملفات المالية والإجرائية.
ويبدو أن الاتحادات التي رفعت شكواها لم تكن تبحث عن المال بقدر ما كانت تطالب بالعدالة، فهذه الاتحادات الصغيرة في أطراف البلاد ضربت أروع الأمثلة في احترام النظم، وتمسكت بالقانون حتى انتصرت بعد أعوام من الصبر.
لقد ظنّ بعض قيادات الاتحاد أن الإفلات من العقوبة أمرٌ ممكن، وأن الزمن كفيل بإطفاء جذوة المطالبة بالحقوق، لكن الأيام أثبتت أن العدالة لا تنام، وأن الفيفا لا تنسى، وأن كل مستند قانوني مُهمل سيعود يوماً كوثيقة إدانة.
إنّ أكثر ما يكشف هشاشة هذا الاتحاد هو تكرار الأخطاء ذاتها دون استخلاص العِبر، وكأن الاتحاد يعيش في عزلة عن مفاهيم الحوكمة والالتزام الدولي.
أما الرسالة التي ينبغي أن تُفهم من هذا القرار فهي أن الشرعية لا تُكتسب بالجلوس على الكراسي، وإنما باحترام القوانين والوفاء بالالتزامات، وأن أي كيان رياضي يضع نفسه فوق النظام سيجد نفسه في مواجهة قرارات أقوى منه، تصدر من مؤسسات لا تعرف المجاملة.
اليوم هو الرابع من نوفمبر، به انتهت المهلة الممنوحة للاتحاد لتقديم ردوده. وها نحن على أعتاب مرحلة جديدة ستتكشف فيها تباعاً الأحكام القادمة من محكمة “كاس”، لتفتح أبواب المساءلة على مصراعيها، وتعيد ترتيب المشهد الرياضي كله من جديد.والذي سيكون أبطاله أندية ود نباوي وتوتي والزومة
فالعدالة حين تتأخر لا تموت،ولكن لتشتد نارها لتُطهِّر كل ما علق بالميدان الرياضي من شوائب.واخطاء
وها هو الاتحاد اليوم يقف على نار العدالة، مرة آخرى
والاختبار الحقيقي ليس في النجاة منها،ولكن في الاعتراف بالخطأ قبل أن تلتهمه ألسنتها.

   وأهلك العرب قالوا :

من استعلى على الحق احترق بنوره، ومن جحد العدل ذاق مرّ سقوطه.
إذا أردت الاستمرارية عليك بالعدل، وإذا أردت زوالها عليك بالظلم.

         والله المستعان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..