على ضفاف المريخ يهمس الرماد بالنار

أبو بكر الطيب
تعودنا في المريخ، أن لا يُقاس الهدوء بالسكوت، ولا يُفهم الصمت على أنه استقرار.
فالسكينة التي تلوح على السطح قطع شك ما هي إلا ستارًا تخفي تحته الرياح ما لا يُقال.
إنه الهدوء الخادع الذي يسبق عادة موجة جديدة من العواصف، فالمريخ لا يعيش بلا صراعات… إنها جزء من تاريخه، وبعض من تكوينه.
ورغم أن الأجواء تبدو هادئة نسبيًا هذه الأيام، إلا أن العارفين بخبايا النادي يؤكدون أن تحت الرماد نارًا لم تخمد بعد، نار الخلافات القديمة التي تتجدد كلما اقتربت ساعة التغيير أو فتح ملف حساس.
وهكذا يستمر المشهد المريخي في الدوران داخل دائرته المغلقة — حيث لا تنتهي الصراعات، ولكن تتبدّل وجوهها فقط.
أولاً: لجنة العضوية.. الصندوق المغلق
تُعد لجنة العضوية من أكثر الملفات غموضًا في الساحة المريخية.
وهي اللجنة التي تمسك بمفاتيح الانتماء وتتحكم في بوابة الدخول إلى بيت المريخ، لكن ما يدور حولها من تساؤلات واتهامات عن الشفافية والإجراءات القانونية يُضعف الثقة في عملها.
فالعضوية لم تكن يوماً في استمارات تُختم أو أرقام تُجمع، فهي أساس الشرعية وصوت الجمعية العمومية الذي يُمنح ولا يُصادر.
وما لم تُدار هذه اللجنة بعين القانون لا بعين الولاء، فستظل تزرع الشك وتحصده خصوماتٍ كل موسم جديد.
ثانياً: الهدوء المريب وصراعات الخفاء
يخدعك المشهد حين ترى الأمور ساكنة، لكنّ خلف الستار حراكًا لا يهدأ.
الكل يراقب الكل، والابتسامات المتبادلة لا تخفي ما في النفوس من ضيقٍ وترقّب.
صراعات المصالح والنفوذ لم تتوقف،لكنها تغيّرت أدواتها — فبعد أن كانت في العلن، أصبحت تُدار في الغرف المغلقة، وأحيانًا عبر وسائط إعلامية تكتب بلسان “الحرص على المريخ” وهي في الحقيقة تعزف على وتر الانقسام.
وهنا يكمن الخطر الحقيقي، فهذه الصراعات الخفية هي التي عطّلت مسيرة النادي وأخّرت نهوضه، لأنها تستهلك الوقت والجهد وتُبدد الطاقات في معارك جانبية لا تبني شيئًا.
ثالثاً: الجمرات تحت الرماد
ومن الجمرات التي بدأت تحرق بصمت، ما تبقّى من عمر لجنة التسيير الحالية.
فالزمن يقترب من نهايته، ومعه تبدأ “الحجوة القديمة” في الظهور من جديد…
هل نمدد أم لا نمدد؟ هل هي لجنة شرعية أم مؤقتة؟
تلك الأسئلة التي تتكرر في كل دورة حتى أصبح المريخ يعيش من “تمديد إلى تمديد” دون أن يلوح في الافق صندوق الاقتراع.
ولجنة الانتخابات، التي يُفترض بها أن تكون الحارس الأمين للديمقراطية، تبدو وكأنها تتهيأ لتبرير التمديد أكثر مما تتهيأ لإجراء الانتخابات.
فهل نعيش مرحلة جديدة من التبرير، أم يكون هذه المرة آخر تمديد في دفتر التسيير؟
رابعاً: المريخ بين عقلين
المريخ يعيش بعقلين متناقضين:
عقلٌ يريد البناء، ويؤمن بالعمل المؤسسي والشفافية، وآخر ما زال أسير الحسابات القديمة والمنطق الفردي في الإدارة.
ولا يمكن لنادٍ كبير كالمريخ أن ينهض وهو يعيش بهذا الازدواج؛ لأن النهوض يحتاج إلى وحدة رؤية لا إلى انقسام نوايا.
وقبل الختام…:—
إن ما يحدث في المريخ لم يكن وليد الصدفة، فهو حصاد سنوات من التسيير بالترضيات لا بالمؤسسية، ومن التمديد دون تفويض.
إنها دورة متكررة من الأخطاء التي لم تجد من يوقفها في وقتها، فاستحكمت حلقاتها حتى صار النادي يعيش في رماد الخلاف، لا في دفء الاستقرار.
فهل نرى صحوة تُعيد المريخ إلى مساره الطبيعي؟
أم سيظل يتقلب بين نار الخلافات ورماد التسويات؟
وأهلك العرب إذ قالوا:-
بتـــــقـلب فــــوق أحـــــيه …..حـــــاكيت ملسوع الحيه
بقـــت أحشـــــــاى ضـــــحيه…..لي نار الشـــــوق الحيه
والله المستعان
