نظم النص والاجتهاد.. القانون الذي لم يقرأه واضعوه!

أبو بكر الطيب
تقترب فترة لجنة التسيير بنادي المريخ من نهايتها، وتقترب معها المعضلة التي تجاهلتها لجنة الانتخابات منذ اللحظة الأولى لتكوين اللجنة الحالية:كيف ستواجه المادة (44/2) من النظام الأساسي، وهي المادة التي تُقفل الباب صراحةً أمام أي تمديد ثالث؟
لقد حذرنا في هذا العمود يومها من خطأ الاجتهاد الكسول حين اختارت لجنة الانتخابات الطريق الأسهل، وحددت للجنة فترة شهرين فقط، دون أن تُفعِّل نصوص “الظروف الطارئة” التي تخولها قانونًا منح فترة أطول متى ما كانت الأوضاع تقتضي ذلك.
كان بإمكانها أن تُفكر خارج الصندوق، لكنها آثرت المضي داخل القيد، فصنعت اليوم قيدًا أشد ضيقًا حول عنقها.
قراءة في نص المادة 44/2
النص يقول بوضوح:
يجوز للجنة الإنتخابات أو الجهة المختصة تعيين لجنة تسيير لتصريف الأعمال لفترة لا تتجاوز (90) يومًا،
ويجوز تمديد فترة اللجنة لمرة واحدة فقط،
على أن تُجرى خلال أو بانتهاء الفترة الثانية الدعوة لانعقاد الجمعية العمومية أو الانتخابات.”
النص هنا حاسم ومغلق في ما يخص “التمديد”، إذ لا يتيح سوى مرتين فقط:
الأولى أصلية، والثانية تمديد.
ثم تأتي العبارة الفاصلة “على أن تُجرى الانتخابات” لتجعل من أي تمديد ثالث مخالفة صريحة للنظام الأساسي.
لكن ماذا عن “تجديد التكليف” أو “تشكيل لجنة جديدة”؟
هنا يبدأ القانون الحقيقي حيث يتوقف الحفظ والترديد.
التمييز بين التمديد والتجديد
التمديد يعني استمرار اللجنة نفسها بذات القرار والتشكيل.
أما التجديد فهو إنهاء التكليف القديم وتشكيل لجنة جديدة بقرار جديد — حتى لو ضم بعض الأسماء السابقة.
النظام لم يمنع تشكيل لجنة تسيير جديدة بعد انتهاء سابقتها،
لكنه قيد فقط التمديد لنفس اللجنة بذات القرار.
وهنا الفرق بين من يقرأ النص بروح القانون ومن يختبئ خلف حروفه.
فالمنع الوارد في المادة (44/2) لا يسري على لجان جديدة بتكوين جديد،
وإلا لأغلق النظام الباب نهائيًا أمام أي وسيلة تسيير مؤقتة، وهو ما يتنافى مع مقاصده في تحقيق الاستقرار الإداري للنادي.
وخطأ لجنة الانتخابات في الفهم والتطبيق
لجنة الانتخابات اليوم في مأزق صنعته بيدها، لأنها لم تستخدم نصوص “الظروف الطارئة” التي كفلها النظام الأساسي نفسه (المادة 55) والتي تسمح بتمديد المدة الاستثنائية متى تعذر قيام الانتخابات.
لو فعلت ذلك من البداية، لما احتاجت اليوم إلى الجدل حول التمديد أو التجديد، ولما وجدت نفسها أمام جدار قانوني صنعته هي بنفسها.
القانون ليس جامدًا كما يتوهم البعض،وإنما هو مرن حين يُفهم في مقاصده،
قاسٍ فقط على من لا يجتهد في قراءته.
المخرج قانوني مشروع
الطريق الآن أمام لجنة الانتخابات لا يزال ممكنًا، بشرط الجرأة في الاجتهاد:
• إما تفعيل نص المادة (55) الخاصة بالظروف الاستثنائية وتمديد فترة اللجنة الحالية مؤقتًا.
• أو حل اللجنة رسميًا وتعيين لجنة جديدة بتكوين مختلف نسبيًا حتى لا يُعتبر القرار إعادة إنتاج للجنة القديمة تحت مسمى جديد.
وفي الحالتين، الشرعية تُصنع بالاجتهاد، لا بالجمود.
وقبل الختام :-
عندما يجهل القائمون على تطبيق القانون نصوصه، يتحول النظام الأساسي إلى وثيقة حائط لا تُقرأ إلا عند الأزمات.
ولو قرأوا ما كتبوه بأنفسهم لما عجزوا اليوم عن إيجاد الحل.
فالقانون الذي وُضع لتنظيم النادي لا يُعقل أن يتحول إلى أداة لتجميده.
وأهلك العرب قالوا :—
هناك أُناسٌ يسبحون في اتجاه السفينة وهناك أناسٌ يضيعون وقتهم في انتظارها ذلك هو الفارق الذي يميز اصحاب الإرادة عن غيرهم
والله المستعان
