وسط الرياح

اتحاد على حافة العجز.. ووطن من أجل الحياة

عدد الزيارات: 28
474

ابو بكر الطيب

المعجزات هي أن يصنع الاتحاد السوداني من أبسط الموارد، دوريًّا ممتازًا يشارك فيه 25 نادياً وليس 24 من 47 اتحاداً، فيكون لنا من الطبيعي أن نتوقع من اتحاد كرة القدم أن يدير لعبته الأولى بحدٍّ أدنى من المسؤولية. غير أن ما نراه اليوم يفرض علينا الاعتراف بحقيقة لا يريد كثيرون مواجهتها: نحن أمام اتحاد فقد الثقة، وفقد القدرة، وفقد الشجاعة على المواجهة… لكنه لم يفقد الجرأة على تكرار الأخطاء.
اتحادٌ يقف الآن على حافة العجز، لا لأنه يواجه ظروفاً قاهرة، ولكنه صنع عجزه بيده، وترك الفوضى تنمو في قلب مؤسساته، حتى صارت “العادية” هي الاستثناء، و“الخراب الإداري” هو القاعدة الثابتة.

غياب الشفافية… أصل الورطة
حين يصبح المال العام سرًّا، ويغدو التصرف فيه منطقة محظورة على الإعلام والرأي العام، فاعلم أن الاتحاد لا يخشى شيئًا قدر خوفه من الحقيقة.
الحديث عن “إعلان الشفافية” مع اتحاد كهذا يشبه مطالبة الغريق بأن يكتب تقريرًا عن كيفية سقوطه في الماء.
هو يعرف تمامًا أن كشف الحسابات سيقود مباشرة إلى ثلاثة أسئلة لا يستطيع الإجابة عنها:

  1. أين ذهبت موارد الاتحادات والقارية والفيفا؟
  2. لماذا تتراكم الديون بنفس وتيرة الأخطاء؟
  3. ولماذا يهرب الاتحاد من المراجعة المالية كما يهرب المتهم من قاعة المحكمة؟

هذه ليست أسئلة إعلام… هذه أسئلة وطن.

لجنة طوارئ؟ هذا مستحيل
الطوارئ تُشكَّل حين تكون القيادة مؤهلة لإدارة الأزمة.
أما حين تكون القيادة هي الأزمة ذاتها… فمن سيشكل لجنة طوارئ؟ ومن سيحاسب من؟ ومن سيشهد على من؟
تشكيل لجنة طوارئ سيعني ببساطة:
الاعتراف الرسمي بالعجز.
والاتحاد – بكل تاريخه الحديث – لا يمتلك الشجاعة الكافية لرفع راية الاعتراف.
هو يفضّل دفن رأسه في الرمل… إلى أن تتراكم الرمال فوقه.

قنوات الدعم… أين؟
آخر محاولة للحصول على دعم حكومي كانت عندما طلب الاتحاد طائرة لنقل المنتخب في عمان…
فجاء الرد بالرفض.
ليس لأن الحكومة تبغض المنتخب، ولكنها ببساطة لم تعد ترى في الاتحاد شريكًا موثوقًا يمكن أن يستلم دعمًا عامًا دون أن يتحول الدعم نفسه إلى أزمة جديدة.
إن فقدان الثقة بين الدولة واتحاد اللعبة الأولى ليس حدثًا عابرًا… إنه مؤشر انهيار.

النتيجة الحتمية: اتحاد فاشل… ووطن يدفع الثمن
قد يختلف الناس في كل شيء، لكنهم لا يختلفون في هذه الحقيقة:
الاتحاد الحالي فاشل بكل المقاييس الإدارية والمالية والتخطيطية.
فشل لا يُقاس بعدد الهزائم في الملعب، وإنما بعدد الهزائم في النتائج، في واقع الحال، في القرارات، في رؤية المستقبل، وفي احترام اللوائح التي وضعها الاتحاد بيده ثم خالفها بقدميه.
على حافة العجز يقف الاتحاد…
لكن على حافة الأمل يقف الوطن.
وما بينهما مساحة واحدة يجب ألا نتنازل عنها:
حقنا في إدارة كروية تُشبه قيمة السودان… لا مستوى إداري يدفعنا للخجل.

وأهلك العرب قالوا:
إذا ضعف التدبير… كثُر التقصير.
لا يتم فشل عملٍ والتعاضد موجود، ولا يكون نجاح عملٍ وهذا الاتحاد موجود.

والله المستعان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..