وسط الرياح

الحقيقة.. وسقوط الأقنعة

عدد الزيارات: 20
474

أبو بكر الطيب

لقد أصبحت الحقائق سلعةً قابلة للقص واللصق، يتقدّم بعض المنتفعين إلى المشهد بثقة العارف… ثم يسقطون أمام أول اختبارٍ بسيط للمنطق. وما نتابعه داخل اتحاد كرة القدم السوداني هذه الأيام من خلافات إدارية ومخالفات قانونية، يفضح مشهدًا كاملًا لعملية تضليل منظمة، تسعى لخلط الأوراق وتضليل الرأي العام، قبل أن تتكفّل الأيام بكشف المستور.

لقد اعتاد رؤساء بعض اللجان بالاتحاد السوداني صناعة روايات هشّة، متوهمة أن القارئ السوداني لا يربط الأحداث ببعضها، ولا يقرأ النصوص، ولا يميّز بين القانون والإنشاء. لكن اللحظة الفاصلة جاءت… وسقطت الأقنعة.

متوكل الزنجي… حين خرج إلى الساحة بلا درع
لا يحتاج الأمر لخبير في القانون ولا لمتخصص في اللوائح.
يكفي أن تراجع ما قاله الزنجي، ثم تضعه بجوار النصوص الملزمة، لتكتشف المفارقة بين الواقع والكلام.
ولأن الزنجي اختار أن يقف في المواجهة العلنية، فكان لابد أن يسمع الحقيقة كاملة… لا ما يحب سماعه.

القضية الأم: أين يبدأ القانون… وأين ينتهي الكلام؟

حين نتحدث عن لجنة أوضاع اللاعبين، فنحن لا نتحدث عن “قسم داخل الاتحاد” يعمل وفق المزاج.
وإنما نتحدث عن لجنة قضائية مستقلة ذات تسلسل وإجراءات دقيقة لا تقبل الاجتهاد العاطفي.

الإجراءات الحقيقية كما هي في القانون:

  1. تقديم الشكوى.
  2. إخطار رسمي للطرف الآخر.
  3. رد الاتحاد أو النادي.
  4. منح مهلة 15 يومًا كاملة للرد أو التعقيب.
  5. دخول الملف مرحلة القرار بعد استيفاء الشكل القانوني.

وهذه الإجراءات ثابتة… لا تتغير بتغير النادي ولا بتغير الأشخاص.
هي ذاتها التي اتُّبعت مع:
كافه – الجنينة – ودنباوي – ومع أي ملف آخر بلا استثناء.

فمن أين جاء الزنجي باجتهاده العجيب؟
محاولته الإيحاء بأن اللجنة تجاوزت صلاحياتها أو تعاملت مع ملفات بطريقة مختلفة سقطة لا يرتكبها مبتدئ، دعك من شخص يقدّم نفسه في هيئة “مُنظّر قانوني”.

الواقع أن:
• اللجنة اتبعت الإجراء الطبيعي ذاته.
• المهل هي ذات المهل.
• الخطوات هي ذات الخطوات.

إذن… أين المشكلة؟
المشكلة في التفسير الماكر… لا في القانون.

وأما حديثه عن الـ 23 ألف دولار…
فهو النقطة التي كشفت كل شيء.
إذ كيف يتحدث شخص مسؤول عن مبلغ لم يدفع منه الاتحاد مليماً واحدًا؟
وكيف يربطه بقضية ليس للاتحاد فيها أي التزام مالي أصلًا؟
ثم كيف يحاول تصوير الأمر كأنه “مساعدة” أو “واجب” أدّاه الاتحاد؟

هذه ليست زلّة…
هذه محاولة واعية لتضليل الجماهير.

وبالمناسبة:
في حال صدور قرار نهائي بالإدانة، فإن الاتحاد مُلزَم بالسداد قانونًا رغماً عنه، وليس “بدافع الشهامة” كما يريد البعض تصويره.

لماذا نكتب الآن؟
لأن الوعي العام لم يعد يحتمل التلاعب.
ولأن من يجلس في موقع القانون يجب أن يكون أول الحريصين على احترامه… لا أول من يحاول لويه.
ولأن الصمت في هذه المرحلة ليس حكمة وإنما يعتبر مشاركة في التضليل.

ومن الطبيعي أن نقول اليوم للزنجي:
قبل أن تتحدى القانون… حاول أولًا أن تفهمه.

حين لا يبقى إلا الحقيقة
لقد انتهى زمن المساحيق.
وما عاد هنالك متسع لخطابات مرتجفة تسوّق الوهم وتغطي الفشل.
فالقانون لا تُصرَفُه المزاجات.
والوقائع لا تقبل الترقيع.
والوعي العام أكبر من أن ينطلي عليه مثل هذا الكلام.

وما فعله الزنجي قد يبدو “خلافًا على تفسير”…
لكنه في جوهره درس كبير:
من يكذب على الناس، تكشفه نصوص القانون قبل أن تفضحه الأيام.

وأهلك العرب قالوا:
إذا أراد الله فضيحة كاذبٍ، جعل لسانه أول الشهود عليه.

والله المستعان


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..