تسعة أهداف.. اتحاد لا يخجل ولا يستحي

أبو بكر الطيب
إن هزيمة منتخب الناشئين بتسعة أهداف فضيحة وطنية، تلخّص دورة سنوات من الفشل الإداري، والتخبّط البنيوي، والمكابرة التي تحكم اتحاد كرة القدم ولجنة مسابقاته.
تسعة أهداف…
رقم لا يُكسر بسهولة.
ولا يحدث صدفة.
ولا يأتي في مباراة واحدة إلا حين يجتمع سوء الإعداد، وسوء الإدارة، وسوء الاختيار، وسوء التقدير… مع سوء الحظ أيضاً!
ولكن قبل السؤال عن اللاعبين…
يجب أن نسأل بصوتٍ عالٍ:
من الذي أرسل هذا المنتخب إلى الذبح؟
هل كان المنتخب جاهزاً؟
هل خاض معسكرات؟
هل خضع اللاعبون لاختبارات بدنية ونفسية وعمرية؟
هل وُضعت خطة؟
هل كانت هناك معايير واضحة لاختيار القائمة؟
هل وُفر جهاز فني مؤهل؟
هل كانت هناك مباريات تجريبية؟
كل الإجابات… مؤلمة.
وعندما تخسر 6 ثم 9… فأنت لا تواجه مشكلة فنية،بالتأكيد إنك تواجه كارثة مؤسسية حدثت لمنتخب الناشئين السوداني
لجنة المسابقات… الغائب الحاضر في كل فضيحة
اللجنة التي تعيش منذ سنوات في «فقاعة» تتوهم فيها أن السودان يعيش رفاهية كروية.
لا إعداد…
لا دعم…
لا احترافية…
ومع ذلك يصرّون على المشاركة، كأنهم يريدون فقط أن يثبتوا للعالم أن النبض ما زال يتحرك… ولو كان نبض جثة!
أسامة عطا المنان ولجنته يعرفون جيداً أن الظروف لا تسمح بإعداد منتخب…
ورغم ذلك…
أرسلوا منتخباً هشاً، ضعيفاً، غير مؤهل، دون حد أدنى من الجاهزية، ثم ظلوا يتلقون الهزائم ويحصون المبررات، ويدفنوا رؤوسهم في الرمال.
لماذا يُشارك الاتحاد وهو يعلم أنه سيفشل؟
لأن الاعتراف بالظروف يعني أنهم اضطروا سابقاً لمعاقبة اندية واتحادات تعللت بهذه الظروف .
والإقرار اليوم بأن «البلد في حالة حرب وظروف» سيحرجهم أمام من رفضوا عدم مشاركتهم… وسيُظهرهم كمتناقضين.
ثانياً…
لأن المشاركة – مهما كانت نتيجتها – تعني استمرار تدفق الدعم المالي من الفيفا.
والدعم، كما نعلم ، أهم عندهم من السمعة والاسم والشعار.
لذلك…
لا يهم أن نخسر 9…
أو 19…
المهم:
أن تستمر المنافسة… ولو فوق جثة المنتخب.
الجهاز الفني… بين الواجب الوطني و«السيرة الذاتية»
من الأخطاء التي تغيب عن معظم الناس:
أن الجهاز الفني — برغم معرفته بأن المهمة مستحيلة لن يعتذر.
لماذا؟
لأن الاعتذار يخصم من سيرته…
أما قبول المهمة فيُسجَّل لاحقاً في الـ(CV):
«مدرب منتخب وطني للناشئين».
ولو انتهت المشاركة بستة أهداف…
أو تسعة أهداف…
فلن يُحاسَب أحد، ولن يُسأل أحد، وسيُدفن الفشل داخل ضوضاء الاتحاد وفوضاه.
فيتحول المنتخب إلى «فرصة شخصية» للمدربين، لا مهمة وطنية.
وهذا — والله — هو أسوأ ما في المشهد.
من المسؤول؟
ليس اللاعبون…
ولا الظروف…
ولا سوء الطالع…
المسؤول هو:
لجنة المنتخبات التي دفعت منتخباً غير جاهز إلى مسلخ البطولة.
والجهاز الإداري الذي لم يهيئ شيئاً.
والجهاز الفني الذي قبل المهمة وهو يعلم حجم الكارثة.
• والاتحاد العام الذي يرى… ويصمت… ويستمر.
هذه ليست هزيمة…
هذه محاكمة مفتوحة لجيل كامل من الإداريين الذين لا يعرفون معنى المسؤولية ولا حدود الواجب. وأخيراً…
قد نغفر الخطأ…
لكننا لا نغفر الإصرار عليه.
وقد نتقبل الهزيمة…
لكننا لا نتقبل المكابرة التي تحولها إلى عادة.
وما حدث للمنتخب الصغير…
يعتبر سقوطاً فنياً وسقوط لمؤسسة كاملة اختارت أن تواصل طريقها بالعند… والإنكار… والمجاملة.
وأهلك العرب قالوا:
«إذا ضاع الراعي… ضاعت الرعية،
وإن ضعف القائد… بكت الجنود قبل الهزيمة
والله المستعان
