انكسار البداية… بداية النهاية

أبو بكر الطيب
غالباً ما تكون هناك لحظات في كرة القدم لا تحتاج إلى محلل ولا خبير كروي كي يفهمها الناس…
يكفي أن تشاهد الملامح الأولى لتدرك المصير المحتوم
وما حدث مع منتخب الناشئين في بطولة سيكافا زون لا نقول تعثّرًا عابرًا، فقد كان انكسارًا من البداية يهدّد بمسارٍ كامل وواضح لو لم نلتقط الرسالة جيدًا.
منذ الظهور الأول بدا واضحًا أن المنتخب يدخل البطولة بلا أدوات، بلا ثقة، وبلا حماية نفسية أو إدارية. بإختصار بلا أي استعداد يؤهله للمشاركة في هذه البطولة.
وكان من الطبيعي أن تأتي النتائج صادمة، والضربات قوية وموجعة، لأن البناء نفسه كان هشًّا في بيئة هشّة والتهيئة ناقصة… والمشهد كله يشبه أطفالًا صغارًا دُفع بهم إلى معركة أكبر من طاقتهم.
المحور النفسي والروحي… الحكاية التي لم تُروَ بعد
- عندما يدخل اللاعب المراهق ليمثل وطنًا مجروحًا
لاعبو الناشئين أعمارهم صغيرة، تجاربهم محدودة، وذاكرتهم النفسية ما تزال غضّة.
الخسارة الثقيلة بنتائج تقارب الكارثة هي هزيمة في سجل رياضي… يُسجل للتاريخ
وهي صدمة قد تبقى مع اللاعب لسنوات طويلة.
الضغط مضاعف لأن:
• الوطن يعيش ظرفًا استثنائيًا
• والجمهور يبحث عن لحظة فرح
• واللاعب يشعر دون قصد أنه يحمل وطنًا كاملًا على كتفيه
فتتحول المباراة من 90 دقيقة إلى امتحان نفسي قاسٍ قد ينسف مستقبل موهبة واعدة. - الهزائم الثقيلة تُعيد إنتاج جيل منكسر
علم النفس الرياضي يؤكد أن الخسارات القاسية في هذا العمر:
• تهدم الثقة
• تزرع الخوف
• وتخلق رهبة من التمثيل الخارجي
والأخطر أنها تجعل اللاعب — مع الوقت — يخشى الجمهور قبل الخصم، ويخشى التمثيل قبل اللعب.
هؤلاء الفتية لا يحتاجون إلى جلد…
يحتاجون إلى حضنٍ إداري يحميهم من الانكسار الداخلي. - أين كان الإعداد النفسي؟
لا خبير نفسي…
لا جلسات تفريغ…
لا تهيئة قبل البطولة…
لا مفهوم للضغط ولا طريقة لإدارته…
كيف نطالب اللاعب بأن يقاوم عاصفة، بينما لم نعطه مظلة واحدة؟
هذا غياب لا يمكن تبريره…
وهو خطأ إداري قبل أن يكون فنيًا. - الهجوم الإعلامي بعد الإقالة… ذبحٌ علني لجيل
المدرب أُقيل…
لكن الطريقة كانت أبعد ما تكون عن الاحتراف.
سخرية… تنمّر… شماتة… تحميل اللاعبين المسؤولية… نشر صورهم…
وهكذا يصبح التمثيل الوطني عقوبة لا شرفًا!
جيلٌ كامل تمت التضحية به بلا سبب، فقط لأن الإدارة لم تعرف كيف تحمي أبناءها. - وطن جريح يحتاج نصرًا صغيرًا
في ظل الجراح الوطنية، يصبح الفوز الرياضي:
• مسكّنًا عامًا
• ونافذة أمل
• ومشهد اجتماعٍ جميل يحتاجه الناس
الهزيمة قد لا تكون نهاية العالم…
لكن سوء الإدارة قد يجعلها نهاية جيل كامل.
التحليل… أين يكمن الخلل؟ ومن يتحمل المسؤولية؟
- لجنة المنتخبات… المسؤول الأول
المدرب جزء من الخلل، لكنه ليس المسؤول الأساسي.
لجنة المنتخبات هي من:
• اختارت الطاقم الفني
• وصادقت على الإعداد
• وتجاهلت الإعداد النفسي
• ولم تُحاسب الجهاز الإداري
• ولم تضع خطة للمعسكرات أو الانضباط
هذا ليس تقصيرًا…
هذا فشل إداري كامل الدسم والعناصر. - المطلوب قبل المباراة القادمة: شجاعة لا مجاملة
ليس مطلوبًا من اللجنة إصدار بيانات تجميلية.
المطلوب:
• الاعتراف بالخطأ
• تصحيح الإعداد
• ضبط المعسكر
• تثبيت الثقة داخل المجموعة
• وضع حدٍّ للفوضى الإعلامية التي تضرب اللاعبين
لأن أي تراخٍ الآن سيترجم مباشرة إلى انهيار آخر داخل الملعب. - الاعتراف… أول الطريق نحو الإصلاح
الإدارات العاقلة تؤمن أن الاعتراف بالخلل خطوة قوة لا ضعف.
والتاريخ لا يرحم من ينكر فشله… لكنه ينصف من يملك شجاعة التصحيح.
إن تأخرت اللجنة في مواجهة الحقيقة، فستكون كل مباراة لاحقة مجرد إعادة بثّ لانكسار البداية… الذي قد يصبح بداية النهاية.
وأهلك العرب قالوا:
“مَن أصلحَ أول الطريق، أَمِنَ عِثارَ آخره.”
والله المستعان
