صمت الإدارات وسقوط الأندية

أبو بكر الطيب
في كل أزمة من ازمات الرياضة السودانية، تظهر حقيقة واحدة لا يخطئها إلا من لا يريد أن يرى:
الأندية لا تسقط لأنها ضعيفة… تسقط لأنها تُترك لتسقط.
فالصمت الذي يخيم على الإدارات، والصمت الذي يحيط بالإعلام، والصمت الذي تمارسه الجهات المسؤولة… كل ذلك لا يمكن أن يكون موقفًا محايدًا، فهي مشاركة كاملة في الانهيار.
فما يجري اليوم داخل اتحاد الخرطوم المحلي لكرة القدم، وما كشفه الباشمهندس غسّان المادح من إفادات خطيرة، يفضح حجم الخلل الذي جعل الأندية تقف على حافة الهاوية، بلا سند، وبلا قانون، وبلا صوت يدافع عنها.
- صمت يشبه التواطؤ
ولو لا اخاف الكذب هو تواطؤ ما في شك
الأندية تتعرض لظلم واضح، لقرارات غير مبررة، ولإجراءات تُدار من وراء الستار…
لكن ما هو الأخطر من الظلم؟
هو صمت من يفترض بهم حماية الحقوق. والدفاع عنها
صمت الإدارات…
صمت الإعلام…
صمت الجهات المشرفة…
صمتٌ يطرح سؤالًا مرعبًا:
لصالح من يُسكَت الجميع؟
فالصمت مخيف يظهر العجزً.
وهو ما يجعل الظلم يتمدد، ويتحرك بحرية، ويجد الطريق مفتوحًا نحو المزيد من الانتهاكات. - اتحاد بلا مؤسسية… ولجنة بلا اجتماعات
كشف غسان أن لجنة التسيير بالكاد تجتمع، وأن القرارات تُطبخ بعيدًا عن الطاولة التي ينبغي أن يجلس حولها الجميع.
محاضر غائبة، تصويت غير موجود، لوائح تُكسر، وصلاحيات تُختطف.
فكيف نطالب الأندية بالثبات…
وهي تقف أمام لجنة لا تعرف الشفافية،ولا تحترم القانون
واتحاد لا يحترم النظام الأساسي،ولا يحترم القضاء
وقرارات تصدر بمنهج الفرد لا المؤسسة؟
إنه واقع يجعل سقوط الأندية مسألة وقت… وليس احتمالًا. - حين يصبح القانون رأيًا شخصيًا
أخطر ما كشفه حديث غسان هو أن اللوائح أصبحت وجهة نظر.
وأن القانون لا يُطبّق إلا على الضعفاء، بينما الأقوياء يمرون فوقه دون مساءلة.
وإذا اختلّ ميزان العدالة داخل أهم اتحاد محلي، فمن أين يأتي الإنصاف؟
وكيف تنتصر الأندية وهي تقف وحيدة أمام منظومة ترى في القانون خيارًا لا واجبًا؟ - قوة خفيّة… تتحكم في كل شيء …
الصمت العام ليس طبيعيًا.
هو صمت مصنوع، ممنهج، مقصود.
هناك نفوذ يعلو على القانون.
هناك جهة لا يريد أحد الاقتراب منها.
هناك خوف غير مبرر يحكم الوسط الرياضي…
ويلجم أقلامًا، ويكمّم أفواهًا، ويحاصر من يسأل أو ينتقد.
وهذا وحده كفيل بأن يجعل الأندية تسقط…
ليس لأن منافسيها أقوى،
ولكن لأن الطريق إلى العدالة مغلق. - غسان لم يدافع عن الشاطئ…غسان دافع عن كرامة اللعبة
حديثه كان صرخة في وجه العبث، لا من أجل نادٍ بعينه، ولا من أجل أن يكون للرياضة وجه غير محترم.مشوه وقبيح
وهو صوت لا يريد أن يحل محل أحد، لكنه يريد أن يسمع الجميع أن هناك خطأً كبيرًا يحدث.
والسؤال:
أين بقية الأصوات؟
أين الإدارات التي تشتكي في الخفاء وتخاف في العلن؟
أين الأندية التي تنهار بصمت ثم تلوم القدر؟
وسط الرياح… نقولها بوضوح
الأندية لن تنهض ما دام صمت الإدارات أقوى من صوت الحق.
والاتحادات لن تُصلح مسارها ما دامت الجهات المسؤولة تكتفي بالمشاهدة.
والقانون لن يحترمه أحد… ما دام لا أحد يصر على تطبيقه.
نحن هنا لنقول ما لا يريد البعض سماعه:
صمت الإدارات هو أول أسباب سقوط الأندية…
وصمت الجهات المسؤولة هو الباب الذي تدخل منه الفوضى.
واهلك العرب قالوا:
إن جرحك أحدهم إما أن تصمت، وإما أن تقول قولًا يلجمه…
فالضمير الذي لا يشهد للحق، يشهد للباطل بصمته.”
والله المستعان
