الرأي

محصلة الفوضى الإدارية وغياب الاحتراف!!!

عدد الزيارات: 2
3334

عوض العبيد

استهل منتخبنا الوطني لكرة القدم مبارياته في بطولة الأمم الأفريقية بالمغرب بخسارة بثلاثة أهداف دون مقابل أمام نظيره الجزائري.

خسارة موجعة في نتيجتها، لكنها لم تكن مفاجئة في تفاصيلها لمن تابع مسار المنتخب في كأس العرب الأخيرة بالدوحة.

النتيجة متوقعة- وإن كان من حسنة واحدة خففت من قسوتها- فهو المستوى المميز لحارس المرمى منجد النيل، الذي لولاه لكانت النتيجة أكبر وأكثر إيلامًا.

منجد النيل كان الحسنة الوحيدة؛ حيث نجح في كثير من التصديات المتتالية رغم الخسارة ومواجهة ٱعتى المهاجمين في الدوريات الأوروبية والعربية.

أداء منجد أعاد إلى الأذهان سؤالًا مؤلمًا- كيف يمكن لفرد أن يقدم كل هذا، بينما يعجز الفريق كمنظومة عن مجاراة الخصم؟.

الإجابة، لا تتعلق فقط بالجانب الفني داخل الملعب فالمشكلة الأعمق تكمن خارج المستطيل الأخضر، وفي أروقة الإدارة، وغرف اتخاذ القرار؛ فالمنتخب السوداني الأول يعاني منذ فترة من تخبط إداري واضح، وغياب رؤية متكاملة في بناء فريق قادر على المنافسة.

هذا التخبط انعكس بشكل مباشر على أداء اللاعبين، الذين يدخلون المباريات وهم مثقلون بالأسئلة والشكوك أكثر من ثقل المسؤولية الرياضية- نفسها.

أبرز هذه الإشكالات يتمثل في ملف الحوافز، فقبل انطلاق بطولة الأمم الأفريقية سادت أجواء من التفاؤل بعد الإعلان عن تكفل رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان بحافز ضخم لدعم المنتخب وتحفيز اللاعبين، كان ذلك الإعلان دفعة معنوية كبيرة، ورسالة بأن الدولة تقف خلف منتخبها لكن ما حدث لاحقًا كان عكس ذلك.

تضاربت الأنباء حول صرف هذه الحوافز، هل تم صرفها من مكتب الرئيس البرهان؟، هل وصلت إلى الاتحاد؟ ومتى وكيف سيحصل عليها اللاعبون قبل البطولة أم بعدها؟، أسئلة كثيرة بلا إجابات واضحة.

هذا الغموض خلق حالة من الإحباط وعدم الثقة، وألقى بظلاله على تركيز اللاعبين واستقرارهم النفسي.
اللاعب لديه التزامات أسرية وغيرها، ولا يمكن أن يقدم أفضل ما لديه مهما كانت وطنيته وحماسه في ظل هذا الغموض.

الخسارة أمام الجزائر ليست مجرد ثلاث نقاط ضاعت أو مباراة انتهت، بل هي مرآة تعكس واقعًا إداريًا مرتبكًا، يدفع ثمنه اللاعبون والجماهير معا،

ما يحتاجه المنتخب السوداني اليوم ليس فقط تصحيح أخطاء فنية، بل وقفة جادة لمراجعة المنظومة الإدارية كاملة، بدءًا من وضوح القرارات، مرورًا بالالتزام بالوعود، وانتهاءً ببناء ثقة حقيقية بين المسؤولين واللاعبين والجماهير، عندها- فقط- يمكن أن نتحدث عن خسارة بشرف، أو فوز مستحق، لا عن حسرة تتكرر في كل بطولة.

حرفيا- لا يمكن الحديث عن التخبط الإداري دون التوقف عند الجدل الدائر حول شخصية رئيس لجنة المنتخبات الوطنية، أسامة عطا المنان، الذي بات اسمه حاضرًا بقوة في كل أزمة تحيط بالمنتخب، فالكثير من المتابعين يرون أن الرجل ينفرد بالقرار داخل لجنة المنتخبات، دون وجود دور واضح أو تدخل فاعل من رئيس الاتحاد السوداني لكرة القدم، الدكتور معتصم جعفر، الأمر الذي خلق حالة من عدم التوازن في مراكز اتخاذ القرار داخل الاتحاد.

هذا الانفراد سواء أكان حقيقيًا أو متصورًا، انعكس سلبًا على العمل الجماعي، وأدى إلى اتساع دائرة الانتقادات والشكوك حول طريقة إدارة شؤون المنتخب،

امتد هذا الخلل الإداري ليشمل المكتب الإعلامي للاتحاد السوداني؛ حيث وضح غياب الرسالة الإعلامية الموحدة، ليترك ذلك مساحة للشائعات والتكهنات في ظل مؤشرات على أزمة داخلية لم تعد خافية على أحد.

إبعاد المنسق الإعلامي للاتحاد، عاطف السيد، أحد أبرز تجليات هذا الخلاف، بعد انسحاب جاء نتيجة صدامات داخلية وصراعات ظهرت جليا في إبعاده في أكثر من مناسبة رسمية، وآخرها بطولة كأس العرب بالدوحة ممّا زاد من عزلة المنتخب إعلاميا، وترك اللاعبين بلا غطاء إعلامي.

في ظل هذا الواقع يصبح من الصعب تحميل اللاعبين- وحدهم- مسؤولية الخسارة، أو مطالبتهم بما يفوق طاقتهم.
التخبط الإداري إذا لم تتم معالجته ستظل الهزائم تتكرر، مهما تألق منجد النيل، أو ظهر نجم جديد يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

تصريحات عبد الرحيم (القربة) الأخيرة لموقع الصفوة أكدت وجود هذا الخلاف، وأكدت – أيضا- انفراد أسامة عطا المنان بملف الإعلام، وإبعاده لمدير الإعلام عاطف السيد.

إلى جانب كل هذه الإخفاقات الإدارية لا يمكن إعفاء لاعبي المنتخب من المسؤولية- خاصة- فيما يتعلق بغياب الانضباط الذهني، والفهم الاحترافي لإدارة المباريات؛ فقد عانى المنتخب من حالات طرد مجانية أضرت به- بشدة- وجعلته يكمل المواجهات في ظروف شبه مستحيلة، وهو ما حدث بوضوح في مباراة الجزائر بعد طرد اللاعب صلاح عادل في الشوط الأول.

طرد صلاح عادل كان نقطة تحول سلبية في اللقاء، بعد أن كان المنتخب قريبا من التعادل، وقاد عددا من الهجمات ليأتي طرد صلاح عادل في كرة لا تستحق ذلك التهور، ولا ذلك الانفعال.

ألا يعلم صلاح عادل أنه في مباراة أمام منتخب مثل الجزائر يكون المطلوب من اللاعب أن يتحلى بأقصى درجات التركيز والهدوء؟، ويدرك أن أي تصرف غير محسوب قد يكلف الفريق الكثير؟.

ما فعله صلاح عادل وضع زملاءه تحت ضغط مضاعف، وفرض على الجهاز الفني حسابات دفاعية قاسية، وأرهق منجد النيل الذي وجد نفسه في مواجهة متواصلة مع الهجمات الجزائرية طوال زمن المباراة.

هذا النوع من الأخطاء يعكس غياب الثقافة الاحترافية لدى بعض عناصر المنتخب، وهي ثقافة لا تُبنى- فقط- بالتدريب، بل بالتأهيل الذهني والانضباط، وبوجود منظومة إدارية وفنية صارمة تحاسب وتوجه وتزرع الإحساس بالمسؤولية؛ فالمنتخب الوطني لا يحتمل قرارات فردية متهورة، لا داخل الملعب ولا خارجه،

سنعود- إن شاء الله- للحديث عن الجوانب الفنية للمباراة، والفوارق الفنية الكبيرة بيننا وبين المنتخب الجزائري المرصع بالنجوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..