الصمت خيانة!

أبو بكر الطيب
إذا عجزنا عن نصرة الحق اليوم… فمتى وأبو حمد نموذجًا؟
إن القضايا التي تبلغ هذا القدر من الوضوح، لا يكون الخلاف حول الخطأ، ولكن يكون حول الشجاعة في الاعتراف به.
وقضية أبو حمد تجاوزت منذ وقت مبكر مربع لجنة الاستئنافات، لأن ما صدر عنها جرم إداري مكتمل مع سبق الإصرار، لا يحتاج إلى تأكيد ولا إلى إعادة شرح.
لذلك، فإن التوقف عندها يُعد مضيعةً للوقت، أما السؤال الحقيقي فيكمن هنا:
أين دور الاتحادات؟
الاتحادات هي الامتحان الذي فشل فيه الجميع.
لم تُطلب من الاتحادات معركة،
ولا مواجهة مفتوحة،
ولا تعطيل منافسات.
كان المطلوب فقط:
موقفًا أخلاقيًا.
بيان شجب.
إدانةً واضحة.
تضامنًا صريحًا مع حقٍ مُهدَر.
لكن الذي حدث كان صمتًا جماعيًا،
صمتًا لا يفسره الجهل،
وإنما يفضحه الخوف.
عندما يتقدّم الهامش ويتراجع المركز،
في موقف يستحق التوقف،
فعلتها كيانات دارفور،
وأعلنت تضامنها مع قضيتها،
ووقفت حيث يجب الوقوف.
وفي المقابل، كان من المفروض أن تقف كيانات الشمال لا أن تقف موقف المتفرج،
كأن الأمر لا يعنيها، أو كأن الحق إذا لم يكن يمسها شخصيًا لا يستحق النصرة.
وهنا تتجلى المأساة:
البعض امتلك شجاعة الموقف،
والبعض فقدها.
الصمت ليس حيادًا…
إن الصمت جبنٌ مُقنّع.
أن تصمت الاتحادات في قضية بهذه الوضوح،
فهذا لا يُسمى تعقلًا،
ولا انتظارًا للمآلات،
إنه جبنًا إداريًا مُقنّعًا بالحسابات.
الصمت هنا ليس خيارًا،
إنه موقفًا سلبيًا يُحسب ضدهم،
ويُثبت أنهم غير قادرين على قول «لا» في وقتها.
ومن لا يقول «لا» حين يكون الحق أوضح من الشمس،
فلن يقولها أبدًا.
فمتى ننصر الحق؟
هذا هو السؤال الذي يفرض نفسه بكل وضوح:
إذا عجزنا عن نصرة الحق اليوم،
وهو بهذه البساطة،
وهذه العلنية،
وهذه الخطورة…
فمتى سننصره؟
عندما يتعقّد؟
أو عندما يُطمس؟
أم عندما يصبح مجرد ذكرى في الأرشيف؟
الحق لا ينتظر الشجعان كثيرًا،
ومن يتأخر عن نصرته
يفقد شرف المحاولة.
وقبل الختام:—
على الجميع أن يتخذ موقفًا واضحًا ضد ثقافة الصمت والخوف التي أدارت ظهرها لقضية عادلة.
ومن لا يملك شجاعة التضامن،
لا يملك أهلية القرار.
واهلك العرب قالوا:
الصمت دائمًا ما يقود إلى الحزن لأنه صورة من صور الموت.
ولا يراضي الذل أن ينزل به أبدًا***
إلا الجبان الوضيع النفس والشيم***
ولا يقر على ضيم سوى رجل***
لم يدر ما المجد في معنى ولا كلم
ومن خاف في قول الحق،
عاش عمره كله معتذرًا.
والساكت عن الحق شيطان أخرس،
والله المستعان.
