مهما هم تأخروا فإنهم يأتون..
صوفي أبو سمرة تكتب لـ”الصّفوة”
بصعود منتخبنا الوطني عشية الإثنين الماضي، إلى نهائيات الأمم الأفريقية المقامة بالمغرب نهاية العام المقبل، عن جدارة واستحقاق في ليلة فرح إستثنائية، فرحٌ جاء في ظروفٍ قاسية يعيشها الشعب السوداني، وهو يرزح تحت ويلات حرب مفروضة عليه، نؤكد بهذا الصعود المستحق لمن يريدون إسكات صوتنا، إننا هتاف في حنجرة ثائر جاء ليعلو لا ليصمت، وإن جذوة نارنا لن تنطفئ وإن راياتنا لا تعرف التنكيس، وإن لوطننا وجود راسخ فوق كل خارطة وحضورٌ بهي في كل محفل، وإن هذا الشعب باقٍ وسيبقى ما أراد الله له البقاء وسيعيش وينتصر.
في ظل هذه الأوضاع القاسية، التي عصفت بكل شئ في بلادنا إلا “إرادتنا”، انتصر “صقور الجديان” للوطن، ارتدوا الشعار وخاضوا معركة لا تقل ضراوة، عن تلك التي يخوضها أبطالنا الأشاوس في كل بقعة مبتلاة بدنس الأوباش، بالعزيمة وروح المسؤولية والتحدي حقق نجومنا تعادلًا ثمينًا بطعم الفوز، ليكون السودان حاضرًا ويرفرف علمه في سماء دولة المغرب، مع الدول الكبرى بالقارة في نهائيات الأمم الإفريقية.
لأن السودان كبير وعريق، وضاربٌ بجذوره في عمق التاريخ الإفريقي، لذلك لن يغيب عن المحفل الإفريقي الكبير، ولأن الكبار يتخطّون كل الصعاب، ويوقعون حضورهم بأحرف من نور على دفتر الحضور.
أهدى أبطالنا الميامين، نصرًا عزيزًا لكل فرد من أفراد الشعب السوداني، وكان شيئًا من ترياق “ولو لبعض حين”، لوجع الوطن الذي يئِن تحت آلة الحرب اللعينة، وتشريد بنوه ما بين الملاجئ ومدن النزوح، كان لابد أن ينتصر أبطالنا في المنتخب الوطني في تلك الليلة الملحمية للوطن، الذي يعيش هذه الظروف من قساوة المحن والواقع الأسيف، الذي أسقطنا في أتون حرب شرسة ضارية، استهدفت إنسان السودان في مدنه وقراه الوادعة الآمنة، واستلبت كل حقوقه وأمنه، فبات نازحًا عن أرضه مظلومًا مهمومًا مدحورًا، يستجدي الأيام شيئًا من سلام وبعضًا من أمن، فجاء صعود “صقور الجديان” وتحليقها في نهائيات الأمم الإفريقية، كـ”هُدنة فرح” وسط الأحزان واستراحة نفسيّة لهذا الشعب المكلوم المُحتسب.
تناسى كل سوداني يومها، فظاعة ما يعيش من أحاسيس القهر والظلم والفقد، فهلّلوا وكبّروا واحتفلوا كما ينبغي، ولو كانت الخرطوم بخير لسهرت شوارعها حتى مطلع الفجر، فرحة بهذا النصر الذي تحقق.
من هنا نسجي التهاني والتبريكات لكل سوداني في كل مكان، ونسأل الله أن يكون هذا النصر بداية لبشريات قوادم في كل الميادين، ابتداءً من المستطيل الأخضر وصولًا إلى كل ميادين القتال نصرًا عزيزًا، وفتح الله لقواتنا المسلحة وكل من يقاتل إلى جانبها من أجل استعادة سيادة الوطن.
الوطن أولًا وثانيًا.. وآخرًا.
وحين تدق الخطوب طبولها فالجيش هو الوطن.