لماذا نحتفل بذكرى كأس مانديلا؟
صوفي أبو سمرة تكتب لـ”الصّفوة”
المريخاب أينما وجودوا يصنعون الحب، وينسجون الفرح غزلًا من خيوط المستحيل، ويأتون بالفرح لهذا الوطن، الذي تعاهدوا أن يهدوه معنى الحياة والنصر، ويعلموه للأجيال ليحملوه فألًا وبشارة.
ليست مجرد اتكاءة على كتف التاريخ واجترار الذكريات، لكنه إحياءٌ لماضٍ تليد، واستدعاءٌ لمجد مصنوع بالحب والعزيمة وروح التحدي، حيث نحتفي بالذكرى عشمًا في أن يعود هذا المجد، واقعًا حاضرًا يعتلي فيه المريخ منصات الفخار مجددًا، ويتوشح هذا الوطن بدثار البطولات تتويجًا بكؤوسها في أقسى الظروف، عهد ووعد إن نهض هذا العملاق من غفوته فإنه يستطيع، ومن غيره يستطيع أن يفعلها؟
هذا وروابط وتنظيمات المريخ في الأسبوع المنصرم، في أكثر من مكان داخل وخارج السودان، احتفلوا بالذكرى التي ظلت يتيمة لخمس وثلاثين عامًا، لا المريخ كررها ولا نادٍ آخر فعلها، وكلما تعاقبت السنين الإنجاز يتباعد ويفصلنا عنه عشرات السنين، ومنها تعاقبت الظروف بتعاقب الإدارات لصناعة إنجاز مماثل، في عهود الاحتراف التي تحتاج للمال والرجال، والمريخ غني برجاله، لكن أيضًا تتداخل عدة أسباب لتتقاطع وتعقد الوضع، وتكون هناك معضلة ما تسهم بشكل قوي ومباشر، في استحالة تحقيق أي إنجاز في العهد القريب، ويظل المريخ بين مد الإداريين وجزر إداراتهم للكيان، يقترب حينًا ويبتعد أحيانًا، لتبقى ذكرى مانديلا فينا الماضي الذي نحتفل به ونحلم بتكراره.
إحتفلت روابط المريخ في الزمن الصعب، الذي أصبحت فيه الإبتسامة ضربًا من ضروب الترف، فما بالك بالاحتفالات؟ لكن أهل المريخ يحتفلون ويحلمون، ففي أم درمان وبورتسودان والدمام- مثالًا لا حصرًا- احتفلوا وكرموا عددًا من نجوم مانديلا، تكريمًا لكل الجيل العملاق الذي جاء بالكأس عنوة واقتدارًا، احتفلوا في كل مكان يؤمه أنصار المريخ، الذين يحملون العشق بين جنباتهم، ويحلمون بعودة سيادة الوطن كاملة، كما يحلمون بصعود المارد الأحمر، إلى منصة اعتلاها ذات يوم بطلًا، لذلك احتفلوا وتفاءلوا.
وفي مدينة الخير، احتفل عشاق المريخ بذكرى الكأس الغالية، مع بشريات انتصارات قواتنا المسلحة، والتقدم المبشر في كل المحاور، والفتوحات الكبيرة التي ينتظرها الشعب السوداني بكل صبر وترقب، احتفل أبطال العشق الأحمر بالقضارف، بأبطال الإنجاز الأحمر السوداني الوحيد وصناع النصر، أبطال كأس الكؤوس المنسوبة تيمنًا وتقديرًا للمناضل نيلسون مانديلا، في فعاليات فخيمة امتدت مهرجانًا، أسعد إنسان القضارف عامة قبل أنصار المريخ، في أربعة أيام كانت زاخرة ومتنوعة بالفقرات، التي جاءت بقدر عظمة المناسبة من رابطة مشجعي القضارف، في ظروف نحسبها صعبة لكنهم بالعشق تحدوا الصعاب، وصنعوا الفرح وسط أحزان الشعب السوداني، وأحيوا الأمل ولسان حالهم يقول مثلما كنا ماضيًا مشرفًا سنكون مستقبلًا واعدًا.
تكريم النجوم الزواهر، للجيل الذهبي الذي جاء بالكأس من أدغال إفريقيا، في شخصي كابتن فتح الرحمن سانتو والكابتن عصام الدحيش، المتواجدان حاليًا في حاضرة ولاية القضارف، وهو حضور تتشرف وتحتفي به مدينة النور والجمال قضارف الخير، هو تكريم من أهل الوفاء لجيل العطاء، وكل صناع المجد من أبطال كأس مانديلا، من رحل منهم إلى رحمة مولاه، ومن يتواجد بيننا نورٌ يشع ويهدي في ظلمات الحاضر، فهذا الجيل بارقة أمل وشعلة تحدي يجب إلا تخبو وتندثر، بأن عودوا بالمريخ إلى مكانه الطليعي، وسجلوا أسماؤكم بأحرف المجد في دفتر الحضور، مع أصحاب الفخامة الأندية المتوجة في الكشف الإفريقي.
نحتفل بذكري مانديلا لنحيي ماضٍ لنا، بينما غيرنا ما زال يحاول.
هذه الأرض لنا.