ملحمة الريال وبرشلونة
د. طارق عوض سعد
من الخطل بمكان أن أتحدث فنيًا عن مباراة الريال وبرشلونة، وذلك لسببين الأول هو ضعف الخلفية الفنية المؤهلة، لتحليل مباراة في حجم الفريقين الكبيرين الريال وبرشلونة، والثاني أن الريال فريقي المفضل.
تضافر هذه الأسباب مدعاة للعزوف عن الشأن الفني، عطفًا على جموع المنظراتية من الذين قتلوا التحليل قتلًا وسخرية، لذلك سيكون تركيزي هنا على وجه الدقة على الجوهرة الأنيقة التي استضافت اللقاء، التي بدت للعيان كفاتنة خرجت للتو من محار صدف البحر الأحمر وعروسه الجداوية.
طبعا لا مجال للمقارنة بين جوهرتنا وجوهرتهم، الناس دي عبرت بعيد جدًا، ولعل الوجود شبه الدائم للمملكة العربية السعودية بنهائيات كأس العالم، دليل واضح لأهمية البنية التحتية في النهوض بالعملية الرياضية.
كما كان واضحًا علو كعب الأجهزة الرقمية، في تعضيد الخدمات اللوجستية للجهات ذات الصلة جمعاء، من اتحاد وجمهور وحكام وإعلام وحتى المشاهدين عبر شاشات التلفزة المختلفة.
مدينتنا الرياضيه جنوبي الخرطوم كانت حلم، دثرناها ببروقراطينا البغيضة، وقبرناها بأطماع بعضنا في الثراء الحرام، وأدناها لأننا لم نحسن اختيار القوي لإدارة دفتها، ثم جاءت المليشيا المجرمة وقضت على الصفر المتحكر أصلًا، وأعملت فيها مزيدًا من الدمار والدمار.
نحن لسه بعيدين، ما زلنا نتشاكس عبر جمعياتنا العمومية اتحادًا وأندية، ونعوث فسادًا وحقدًا وحربًا عبوس، وما أن ينفض السامر، وإذا بالسارق يتشدق عن العدالة والمساواة والتنمية والتعمير، وفيوض من النعم يمنّيها للشعب حامل الأسفار، التي على إثرها ارتقى السارق.
نحتاج أن نغير مفاهيمنا وعقولنا، حتى نستطيع أن نغير منظومة ومصفوفات لوائح وأطر الهيئات الرياضية، ومؤسساتها العدلية والإدارية بشكلها الهش القابل للاختراق، كما نحتاج إلى صنفرة الأبواق الرافعة التي هرت مصارينا بالمتسلقين وشذاذ الآفاق والذي منهم.
ومع ذلك ثمة رجلٌ رشيد سيظهر، لجهة أن هذا الشعب الأسمر حوائه ولود، وحينها سنعبر.