النّجم الثّاقب

إبراهومة

د. طارق عوض سعد

المدارس ليست في كل الأحوال فصولًا ومعلمين وطلابًا..
هي لافتات متعددة، تختلف من حيث المناهج، وتتجانس في طرق التدريس..
محصلة العلوم في نهاية الأمر لا تخرج عن فضيلة المعرفة وتنقيح العقول..

مدرسة المريخ للعلوم الرياضية واحدة من أهم المدارس التي تتلمذ على مدارجها أفذاذ النجوم والإعلام والأبطال..

المعجزة إبراهيم حسين، ابن ضاحية الكلاكلات جنوبي الخرطوم، والشهير بإبراهومة، واحد من ألمع نجوم الأحمر الوهاج الذين جمّلوا المستطيل الأخضر بفنهم الراقي السهل الممتنع..

عدد من النجوم مرّوا على سهل وربا المريخ العظيم..
بعضهم مرّ على عجل، وبعضهم تراوح كالسحاب لا ريث ولا عجل..
وبعضهم نعم..
وبعضهم لا..

بيد أن النحيل الأسمر، والذي اشتهر بيننا في الكلاكلات بلقب “باعوضة” لضعف بنيته، بزّ إبراهومة أقرانه وجيله السابق واللاحق، بحيث أصبح أكثر مدرب درب المريخ في فترات متباينة من بين جميع لاعبي الفريق..
عطفًا على عمله كمساعد مع العديد من المدربين الأجانب، الأمر الذي أكسبه المزيد من الخبرات..

إبراهومة بصبره واجتهاده، وتدرجه من أشبال المريخ إلى رديف الفريق الأول، حتى تقلّده كابتينية النادي والمنتخب الوطني، واحترافه خارج القطر بدولة الكويت برفقة زميله عبدالإله بشري، ومن ثم اعتزاله واحترافه التدريب في عدد من الأندية..
منحته هذه المزايا الثقة والاعتداد بالنفس، ولعل لجوء المريخ إليه كلما ادلهمت به الخطوب هو أبلغ دليل على ثقتهم بأنه “زامر الحي يطرب ويشذب”..

إبراهومة ليس مدرب فحسب..
تجده مع اللاعبين بمثابة الأخ الأكبر، وقد استغل صغر سنه وهو مدرب حديث العهد أن درب فيصل العجب ورفاقه، وهو بالأمس كان إلى جوارهم داخل المستطيل الأخضر..
وإلى هذه اللحظة، لا يزال إبراهومة قريبًا من اللاعبين، يسمع إليهم ويسمعون منه..
ولعل كيمياء التقارب، إن سطع بريقها في أي محفل، ما من شك ستؤدي إلى أسيل التلاقح المنشود..

ترجّل إبراهومة عن صهوة تدريب الأحمر للمرة الألف..
وغرد على صفحته.. أن شكرًا لكم جميعًا..
وكالعهد به، مهما كانت أسباب مغادرته للنادي، نجده هاشًا باشًا، وسعيدًا بخدمته لمحبوبه الوهاج..

مضى إبراهيم حسين إلى مريخ بانتيو، وفي ظني سيعود غدًا، والعود لديه أقوى..

مشكلة الأسمر النحيل أن أمر تعيينه دائمًا يأتي عقب إقالة أي مدرب بسبب سوء النتائج..
يجد نفسه مجبرًا للبداية من الصفر، في حين ينشد المشفقون النصر العاجل، ولا يدرون أن المدارس مهيضة الجناح.

تحتاج نسرًا من فصيل الألْمَعي إبراهومة لينجح..

كيف؟
بالصبر عليه.. وأنتم لا تصبرون..

إبراهومة.. مع السلامة
ما قصّرت.. وحتما ننتظر عودتك قريبًا..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: محمي ..