دوري بلا هوية!

أبو بكر الطيب
أصبح من الواضح، وبدون لف ولا دوران، أن قيام الدوري غير الممتاز في ظل الظروف الحالية، وبهذه الطريقة والسرعة، وقبل أن يتم إعداد الأندية بالطريقة المناسبة، إنما جاء فقط لتلبية متطلبات الفيفا أو الكاف دون مراعاة لظروف الأندية، بل من أجل جدولة المباريات القارية والمشاركة فيها والحصول على الدعم المادي، مما أدى إلى ظهور هذه النسخة من الدوري بهذا المستوى المتواضع الضعيف. يُعتبر ذلك قمة الاستخفاف.
ومن الملاحظ والمؤكد أن الغرض الأساسي من هذا الدوري هو الحصول على أموال الفيفا، وكان ينبغي ألّا يكون كذلك نظرًا للظروف التي تمر بها البلاد والأندية، التي تأثرت تأثيرًا كبيرًا وتحتاج إلى مزيد من الوقت والجهد لاستعادة توازنها. وكان الأَولى بالاتحاد أن يراعي الوضع الراهن لأنديته، لأن من أهم أهدافه تطوير اللعبة في البلاد، وليس مجرد استغلال التمويل القادم من الفيفا لأغراض غير رياضية.
كيف يحق لاتحاد وطني تنظيم دوري لمجرد استيفاء متطلبات الفيفا، من دون وضع خطط لتطوير البنية التحتية وتحسين التحكيم، الذي يتعرض الآن لحملة إعلامية كبيرة، رغم أنه أساس استدامة المنافسة؟! هذا الدوري يفتقد لقوة المنافسة، مما يؤدي إلى إنتاج أندية ضعيفة غير قادرة على مواجهة التحديات القارية، وتكون مشاركتها تحصيل حاصل.
إن قيام دوري يفتقد إلى أدنى المقومات، وفي ظل غياب إداري ومالي، وبميزانية غير واضحة، يعني أن هناك فسادًا وسوء إدارة للأموال المخصصة لتطوير اللعبة. ومن المعلوم أن الفيفا لا تدعم مثل هذه الدوريات، التي تعاني من سوء التخطيط، وضعف البنية التحتية، وغياب العدالة التحكيمية، وعدم توفير الحد الأدنى من معايير الجودة. لذلك، فإن هذا الدوري لا يمكن أن نطلق عليه اسم “الدوري الممتاز”، لأنه لا يعكس تسميته، ولا حقيقته، ولا صفاته، بل يمكن تسميته:
دوري الفوضى: لأنه يعكس حالة العشوائية وسوء التنظيم الذي يحيط بالمنافسة.
دوري المجاملات: لأنه يشير إلى إمكانية وجود تلاعب أو محاباة في التنظيم والإدارة.
دوري المصالح: لأنه يُقام لخدمة أهداف معينة، للحصول على تمويل الفيفا، دون النظر إلى تطوير اللعبة.
دوري الاستهلاك: لأنه يُنظم فقط لإرضاء المتطلبات الشكلية، دون الاهتمام بجودة المنافسة أو تأثيرها الفعلي على مستوى الفرق.
دوري بلا هوية: لأنه يعبر عن غياب التخطيط الاستراتيجي، مما يجعله مجرد نسخة لا شبيه لها في كل الدوريات، دون أن يقدم للأندية أي فائدة تُذكر، بل قد يخصم من رصيدها الكثير.
دوري الورق: بمعنى أنه مجرد بطولة شكلية موجودة على الورق، دون تطبيق معايير الاحتراف الحقيقية.
صفات الدوري غير الممتاز
يمكن وصف هذا الدوري بمجموعة من الصفات التي تعكس حقيقته الفعلية:
دوري ضعيف المستوى: بسبب غياب التنافس الحقيقي وسوء جودة الأداء.
دوري عشوائي التنظيم: نتيجة لغياب التخطيط الواضح وسوء برمجة المباريات.
دوري يفتقد للمصداقية: بسبب الممارسات غير النزيهة، كما حدث فيما يخص نادي ود نباوي.
دوري غير احترافي: نظرًا لعدم وجود آليات تحكمه وفق معايير محددة ومعلومة.
دوري عبثي: لأنه لا يحقق أي فائدة فعلية للأندية واللاعبين، سوى مجرد إقامته كإجراء شكلي.
رأي الحكماء: هل يستحق هذا الدوري اسم “الممتاز”؟
وكما قال أهل الخبرة والحكمة:
إذا كان الدوري يُقام فقط لمجرد تحصيل الدعم المالي، دون توفير الحد الأدنى من معايير الجودة، فإنه يصبح دوريًّا بلا قيمة حقيقية، بل قد يكون عبئًا على الكرة المحلية، بدلًا من أن يكون خطوة في تطويرها.
وفي هذه الحالة، فإن إطلاق اسم “الدوري الممتاز” سيكون نوعًا من التضليل، والأفضل تسميته بعكس ذلك، أو بما يعكس واقعه الحقيقي والفعلي، كونه دوريًّا قائمًا على المصالح، وليس على التخطيط والاحتراف.
والله المستعان.